سياسة التوافق هي أكبر عملية تحيل على الديمقراطية الحقيقية وهي تكريس لديكتاتورية الأحزاب الحاكمة على حساب مصلحة الشعب التي يضحى بها بفقدان معارضة قوية تضمن مراقبة عدم انحراف الحزب الحاكم بالسلطة. وهي أيضا تستنزف سلطةالدولة و مؤسساتها نتيجة توافق الحزبين الكبيرين على الاستفراد بتبعية المؤسسات الدستورية لها و التي ينتخب و يعزل أعضائها على ضوء مصلحة هذين الحزبين. و هي كذلك تقزم دور بقية الأحزاب و إمكانية تطورها و فوزها في أي انتخابات نتيجة غلبة كبيرة داخل البرلمان تخول لها إصدار قوانين انتخابية جائرة لا تسمح لغير المتوافقين بالنجاح في أي انتخابات مهما كانت برامجها و لا أدل على ذلك من قانون الانتخابات البلدية الذي جعل من تشكيل قوائم انتخابية في كل البلديات أمرا شبه مستحيل و ايضا نتيجة تسخيرها لأدوات السلطة و أموالها في الحملات الانتخابية. سياسة التوافق ضربت أسس النظام الديموقراطي في العمق لأن أهم مقوماته أن الحزب الفاشل في الحكم يفشل آليا في الإنتخابات و الحال أن الوضع اليوم إنقلب إلى عكس هذا المبدء تماما، و لا ادل على ذلك من فوز النهضة بالبلديات و الحال أنها حزب حاكم فاشل وهو المتسبب الأول في الكوارث و الأزمات التي تعيشها تونس. و أخيرا سياسة التوافق هي أكبر عملية إستبلاه و إستحمار للأحزاب الديمقراطية كونها بمثابة تسميم على طريقة القطرة قطرة لهته الأخيرة و إفراغها من أي دعم شعبي بل هي مصدر اتهام و تخوين لها من ناخبيها. بات من الواضح اليوم أن سياسة التوافق هي أكبر عملية تحيل فرضها الغرب و شركات الذكاء التي تعمل لصالح حركة النهضة على خصومها السياسيين و أولهم نداء تونس حتى تفجرهم من الداخل و تفقدهم لأي مساندة شعبية بتعلة تفادي حرب أهلية و الحال أن هته الحرب الوهمية غير مطروحة اصلا و غير ممكنة و لا يسمح بها لا واقعنا الداخلي و المجتمعي و لا حتى المعادلات الإقليمية والدولية. ان من يصر على ممارسة الديمقراطية عليه ان يمارسها طبق قواعدها " حزب في الحكم و الآخر في المعارضة" . و لنتاكد كون المستفيد الأول و الوحيد من التوافق هي النهضة يكفي أن نراهن على أن نعرض عليها أمرين إثنين إما أن تحكم لوحدها و نكون نحن في المعارضة و إما أن نحكم لوحدنا و تكون هي في المعارضة فهل ستقبل إحدى هذين المقترحين؟