هذا الخطاب المتعدد الوسائط الذي اصبح في متناول الجميع استعماله اداة للتعبير والتواصل ينزلق اليوم ليصبح جبهات للحروب الكلامية في شكل قذائف تطلق على اعمدة الصفحات لتفجر شحنات من الفضائح والمس بالأعراض وفبركة القضايا والادعاءات فتختلط فيها الحقيقة بإشاعة الخبر لتنقلب الجدية الى الهزل والتلاعب والفبركة عبر اساليب فنون القص والتلصيق والابتكار والميكساج والتلفيق فينعت السياسي والشيخ والمفكر باختلاف مشاربهم بشتى النعوت والقوالب والسخرية التي تصل في بعض الاحيان الى هتك الاعراض والتجسس على الحياة الخاصة ونشر الغسيل وإظهار الشخصيات الوطنية عبر الصور الكاريكاتورية مخلة احيانا بالحياء . تتساقط القنابل على الصفحات لتشتعل نيران التعاليق بارودا يدعو مدويا الى العصيان المدني والوقفات الاحتجاجية والإضرابات فتتصدر الصفحات معلقات اشهارية رقمية تعطي الانطباع بأنها صادرة عن منظمات او احزاب فتثير البلبلة وتسري مثل الهشيم لتصل الى حروب فكرية او سياسية في جو تغلب عليه الفوضى والسخرية وتبادل الشتائم والاتهامات بالكفر والزندقة والنفاق والرجعية والإلحاد وحتى الشذوذ . تتساقط الردود والاعتذارات والتعليل والتكذيب عن تصريح ادلى به على اعمدة الجرائد او احدى الاذاعات او البرامج السياسية او حلقات النقاش والأخطر ان ينخرط السياسي وحتى المفكر والشيخ في مثل هذه الحروب التي اختارت ساحاتها صفحات الفايسبوك . هل يعقل اليوم في تونس دولة الثورة والبناء الديمقراطي ان تتحول فيها هذه الواقع الى مصدر للخبر والمعلومة ...؟ هل يعقل لوسائل الاعلام المرئية والمكتوبة ان تستشهد في منابرها وصفحاتها لتستعرض ما ورد بهذه المواقع دون مناقشة او تكذيب او حتى تصديق ... ؟ والأخطر ان تصبح هذه الصفحات دليل ادانة وحجة ثابتة لطرف سياسي على طرف اخر . ان الاوان لاحتواء هذه الظاهرة وإرجاعها الى حجمها الطبيعي وإلا ستحرق نار هذه القنابل الفايسبوكية سفينة الحرية والديمقراطية لتغرق الثورة في مياه محيط السياسة وتذوب اهدافها لتتلاقفها اسماك البحر تنهشها . مع تحيات رياض الحاج طيب