تونس (وات) "الثورات العربية :المسار ومحاولات الالتفاف، تونس نموذجا"... ذلك هو محور الندوة الفكرية السياسية التي التأمت يوم السبت بالعاصمة في نطاق فعاليات الأيام الثقافية التي ينظمها حزب العمال الشيوعي التونسي بالتوازي مع أشغال مؤتمره الوطني. وشهد هذا اللقاء الفكري مساهمات لكل من الكاتب السوري "سلامة كيلة"، وغازي السوراني مسؤول الدائرة الفكرية بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الى جانب جمع من الشخصيات الوطنية وناشطي المجتمع المدني. وقد أدار هذه الندوة "جلول عزونة" أمين عام الحزب الشعبي للحرية والتقدم الذي أكد في مداخلته الافتتاحية أنه بالرغم من انفتاح مسارات الحرية الفكرية والسياسية تباعا الا ان المشهد التونسي بعد الثورة لا يزال محفوفا بالمخاطر التي تتهدده من قبل قوى الردة والثورة المضادة محذرا من خطر إعادة انتاج الاستبداد بعناوين جديدة. وتناول السيد"سلامة كيلة" مسار الثورة التونسية التي فتحت برأيه أفقا واعدا لمرحلة عربية جديدة قال إنها ستؤدي الى تغيير عميق في كل المنطقة. وبعد أن نبه الى الاخطار التي تتهدد مسار الثورة ولاحظ المحاضر أن الشعوب نهضت في لحظة لم تكن فيها الحركة السياسية مهيأة لتحقيق تغيير سياسي عميق وهو ما حال دون تمكن هذه الثورات من خلق بديل طبقي سياسي للنظم التي كانت سائدة. واعتبر أن الحركة السياسية اهتمت بما هو وطني ديمقراطي بالمعنى العام ونسيت ظروف الناس مؤكدا أن الأمور لن تستقر دون تحقيق تغيير طبقي سياسي لصالح الطبقات الشعبية المهمشة. اما السيد غازي السوراني فبين في محاضرته أن سلطة الإكراه التي مارستها الانظمة العربية دليل على فقدانها وعيها الوطني بعد فقدانها وعيها القومي موضحا ان العفوية التي اتسمت بها الثورات هي التمظهر الاول لمدى عمق الرفض الشعبي للاستبداد والظلم الطبقي. ولفت إلى أن الانتفاضات العربية لم تذهب حتى اليوم، بعيدا الى ما بعد تغيير رؤوس النظام وإلى أن الطور الحالي يحتاج الى جهد ثوري مضاعف لأن مرحلة الانتقال الديمقراطي هي اصعب المراحل على درب التغيير اذ تحتاج الى طليعة شعبية مهمتها المتابعة اليقظة لمسار تجسيم أهداف الثورة. وتضمنت مداخلة غازي السوراني عملية نقد وتشريح للفكر اليساري الذي اصبح يعاني حسب رأيه بعض القصور في التصور نتيجة ارتباطه بالبعد الايديولوجي النظري وابتعاده عن هموم الجماهير وتطلعاتها داعيا الى رتق هذه الفجوة من خلال رؤية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية تنهل من الواقع الاجتماعي وتواكب رغبة الناس في التغيير. وتمحورت التدخلات حول التحديات التى تواجه الثورة التونسية ومخاطر الالتفاف عليها. كما تمت إثارة مسائل تتعلق بإستراتيجية حزب العمال الشيوعي التونسي في المرحلة القادمة وصيغ تفعيل دوره من خلال العمل الميداني والبرامج التي تستجيب لمتطلبات الواقع السياسي والاجتماعي الوطني.