تونس 3 جوان 2010 (وات)- تحتل مقاومة الأمراض السرطانية حيزا هاما ضمن السياسة الصحية الوطنية من خلال انتهاج مقاربة متكاملة تقوم على تعزيز التثقيف الصحي حول السلوكيات والعوامل المسببة لهذه الأمراض وضمان التكفل العلاجي الملائم بمختلف جهات البلاد. وتكريسا لهذا التوجه حظي الملف بجملة من القرارات والإجراءات المنبثقة عن المجلس الوزاري المنعقد يوم الاربعاء بإشراف الرئيس زين العابدين بن علي للنظر في واقع وافاق مقاومة الأمراض السرطانية ومتابعة تجسيم البرنامج الرئاسي للمرحلة القادمة الذي ادرج خطة للوقاية والتقصي المبكر لأكثر السرطانات خطورة وانتشارا. وتهدف هذه الاجراءات الرئاسية الجديدة الى الحد من التعرض الى عوامل الاختطار وتحسين نوعية حياة المرضى ودعم الإحاطة بهم. واهتم المجلس الوزاري بالوضع الحالي لمرض السرطان بتونس من حيث الأسباب والأنواع وحالة البنية التحتية المتوفرة الى جانب استعراض اهم الانجازات في المجال ولا سيما الخطة الوطنية التي تم إرساؤها منذ 2001 بهدف التقليص من المراضة والوفيات. ومن أبرز محاور هذه الخطة مكافحة العوامل المسببة للاصابة بالسرطان من خلال دعم الكشف المبكر وتكثيف التكوين المستمر للاطارات الطبية وشبه الطبية وتوفير التجهيزات المتطورة بمختلف المؤسسات الصحية. وهي تشمل أيضا تعزيز الوقاية من خلال مكافحة التدخين والتعريف بجدوى الغذاء السليم ودعم العلاج التلطيفي الى جانب النهوض بالبحوث العلمية ذات العلاقة. وقد أوصى رئيس الدولة بمتابعة إنجاز هذه الخطة وتعهدها بالتقييم المستمر مشددا على دعم جهود التحسيس بأهمية السلوكيات الصحية والغذائية للحد من هذه الأمراض الخطيرة. تكثيف الحملات التحسيسية بمضار التدخين لتقليص عدد المدخنين بنسبة 2 بالمائة سنة 2010 ويتزامن هذا الاهتمام مع المبادرة الرئاسية بجعل 2010 سنة مكافحة الامراض السرطانية والتي يتركز العمل في اطارها على دعم الوقاية الاولية عبر تنظيم ندوات وطنية وجهوية توعوية بالتعاون مع النسيج الجمعياتي. وتتعزز هذه الجهود بتواصل الانشطة في مجال مكافحة ظاهرة التدخين والحملة الوطنية لسنة 2009 والتى افضت بالخصوص الى خفض استهلاك التبغ بنسبة 3 فاصل 8 بالمائة ومساعدة 10 الاف شخص على اقلاع فضلا عن مضاعفة عيادات الاقلاع خمس مرات ليصل الى 125 عيادة في 2009 ومن المنتظر ان يبلغ مع موفى 2010 حوالي 250 عيادة. وتتمثل الاهداف المرسومة لسنة 2010 بالخصوص فى تقليص عدد المدخنين بنسبة 2 بالمائة والترفيع فى عدد الاطباء المكونين فى مجال المساعدة على الإقلاع عن التدخين بتكوين 125 طبيبا اضافيا الى جانب توفير الكميات اللازمة من المعوض النيكوتيني. ويتم في هذا السياق تكثيف الحملات التحسيسية بمضار التدخين وتطوير الدعائم التثقيفية لمقاومة السلوكات المحفوفة بالمخاطر والتعريف باهمية النشاط البدني والتغذية المتوازنة وجدوى تفادي التعرض المطول لاشعة الشمس. ولمكافحة الامراض السرطانية الاكثر انتشارا وخطورة تركز اليات التقصي والكشف المبكر بالخصوص على سرطانات الثدي وعنق الرحم والكلون والمستقيم والموثة، من خلال استهداف الاشخاص الاكثر عرضة وتطوير قدرات الكفاءات الصحية ولا سيما في مجال الفحص الطبي والتحاليل وعلم الخلايا. وعلى مستوى تطوير شبكة المراكز الاستشفائية تقرر استحثاث نسق انجاز مركز الامراض السرطانية باريانة والأقسام الإقليمية بكل من جندوبة وقابس وقفصة وتدعيمها بالموارد المختصة والاليات الحديثة فضلا عن احداث مصحة مختصة بالقطاع الخاص. ومن منطلق الحرص على تأمين التكفل العلاجي الكامل بمرضى السرطان اقر المجلس الوزاري توفير الامكانيات الملائمة لانجاز مركز الزهراوي للوقاية والعلاج والعناية التلطيفية الى جانب تطوير العلاج التلطيفي من خلال احداث وحدات متخصصة بالمستشفيات الجامعية كما تم التأكيد على تعزيز التدابير الخاصة بتوفير المساعدة اللازمة للمرضى ولعائلاتهم من خلال احداث عيادات للاحاطة النفسية والنهوض بالاستشفاء النهاري وخدمات العلاج والمساندة بالمنزل. وشملت الاجراءات كذلك النهوض بالتكوين المختص باضافة خطتين في مناظرة الاقامة في الطب وفي عدد من الاختصاصات ذات العلاقة بالسرطان وتعميم الدراسات التكميلية بكافة كليات الطب فضلا عن دعم التكوين المستمر للاطارات الطبية وشبه الطبية في مجالات التكفل بالمرضى والعلاج التلطيفي والتقصي المبكر لبعض السرطانات. تركيز وحدات صناعية في مجال الأدوية الجنيسة لمعالجة الأمراض السرطانية كما كان البحث الطبي في مجال امراض السرطان ضمن اهتمامات المجلس الوزاري الذي دعا الى تطوير التجارب السريرية وحث الباحثين على تشبيك وحدات ومخابر البحث وتجميعها في اطار برامج ايلافية تستجيب لمقتضيات التنافسية. ويندرج ضمن ذات الاطار السعي الى احداث اقطاب التميز لتطوير البحوث خاصة في مجال الادوية المستخرجة من البيوتكنولوجيا والحرص على تطوير التعاون الثنائي والدولي لانجاز مشاريع بحث مهيكلة. وقد تم الشروع في تركيز وحدات صناعية في مجال الادوية الجنيسة لمعالجة الامراض السرطانية من قبل مستثمرين خواص من المرتقب ان تدخل حيز الانتاج سنة 2010 بما سيمكن من التخفيض في كلفة الادوية من 30 الى 50 بالمائة. إمكانية تلافي 40 فى المائة من حالات الوفاة في العالم بالامتناع عن التدخين... وتبين الحالة الوبائية فى تونس من خلال السجلات الخاصة بالامراض السرطانية تسجيل 10 الاف و800 حالة للاصابة بالسرطان سنويا فى تونس من بينها 5900 فى اوساط الرجال و4900 حالة بالنسبة الى النساء. ويقدر العدد الجملي لحاملي الامراض السرطانية بحوالي 21 الف شخص حيث يمثل مرض السرطان ثاني اسباب الوفيات في تونس (8500 وفاة سنويا) بعد امراض القلب والشرايين. ويعتبر سرطان الثدي من أكثر السرطانات ظهورا لدى المرأة وأول سبب للوفيات لديها(30 حالة لكل 100 الف امرأة سنويا) فى حين يعد سرطان الرئة السبب الرئيسي للوفيات عند الرجل (30 حالة لكل الف رجل). وفي العالم يعتبر السرطان من أسباب الوفاة الرئيسية حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، التى تشير فى المقابل الى إمكانية تلافي 40 فى المائة من حالات الوفاة بالامتناع عن التدخين وممارسة نشاط بدني منتظم مع انتهاج نظام غذائي صحي.