جبل عرفات، أو ما يُعرف أيضًا ب جبل الرحمة، ليس مجرد معلم جغرافي في المملكة العربية السعودية، بل هو موقع روحي وتاريخي يُشكّل أحد أبرز أركان مناسك الحج. يرتفع هذا الجبل حوالي 300 متر عن سطح البحر، ويقع شرق مكةالمكرمة على بُعد نحو 20 كيلومترًا. في يوم التاسع من ذو الحجة، يقف ملايين الحجاج على صعيد عرفات، في مشهد مهيب، يُعدّ ذروة مناسك الحج. ويُعرف هذا اليوم ب يوم عرفة، وهو يوم يُباهي الله به ملائكته، ويُقال إنه لا يُعتق فيه من النار يوم أكثر من هذا اليوم. الحقيقة الجغرافية تقول إن جبل عرفات هو تلّ صخري ليس له أي خصائص جيولوجية نادرة، لكنه يكتسب قدسيته من معناه الديني والروحي. وعلى قمّته تنتصب اليوم شاخصة بيضاء تُدلّ على موقع الوقوف، حيث يُعتقد أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم خطب في الناس في حجّة الوداع. أما من الناحية التاريخية، فقد رُويت عدّة أقوال حول أصل تسمية "عرفات"، منها أن آدم وحواء التقيا فيه بعد أن أنزلهما الله من الجنة، وهناك "تعارفا"، ومنها أنه سُمّي بذلك لأن الناس "يعترفون" بذنوبهم فيه ويتوبون إلى الله. وبين الأسطورة والرمز، تبقى حقيقة جبل عرفات أنه موضع اجتمع فيه الرحمة والمغفرة والدعاء. فالواقفون عليه تتنزّل عليهم السكينة، وترتفع فيه الأكفّ إلى السماء. إنه مكان تُمحى فيه الخطايا، وتُكتب فيه بدايات جديدة. جبل عرفات ليس مجرد تضاريس... إنه لحظة روحانية خالصة، تجسّد فيها معنى العبودية، والتوبة، والأمل.