يطمح المعارضون في تونس الى أن تكون لهم معارضة حقيقية وبنّاءة لها وزنها السياسي وثقلها الجماهيري، على غرار ما تعرفه الديمقراطيات الكبرى في العالم لكن يبقى هذا الحلم السياسي يواجه رياح تغييرات متواصلة. ويلفت محللون للشأن السياسي أنها تكمن في ارساء تنظيم يقطع مع سياسة الزعامة، التي يصارع من أجلها جل المعارضون في تونس، وكان الامين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق اخر المنافسين الذين دخلوا المعركة، لينضاف الى قائمة طويلة تلهث وراء التربع على عرش المعارضة، بعد أن يئست في محاولاتها الدخول الى دوائر السلطة. وكرر مرزوق في عدة تصريحات صحفية ومنابر إعلامية، إن حركته تريد تزعّم المعارضة بعد انسحابها من وثيقة اتفاق قرطاج، وذلك بالتنسيق مع أحزاب أخرى من أجل تعديل المسار وتحسين الأوضاع حسب تصريحاته. وأسهل في انتقاده أحزاب الائتلاف الحاكم بعد خروجه من وثيقة قرطاج التي جمعتهم، ورغم أنه ممثل في الحكومة بعضوين فإنه شدد على أنها حكومة محاصصة حزبية، وأنها حكومة النهضة والنداء، حسب تقديره. كما اتهم الحكومة بخدمة مصالح حزبية على حساب العمل الحكومي مؤكدا ان نصف الحكومة تشارك بالحملة الانتخابية في ظل مؤشرات اقتصادية خطيرة تعيشها البلاد. وسعى حزب تونس الارادة (المؤتمر من اجل الجمهورية سابقا) بقيادة رئيس الجمهورية السابق المنصف المرزوقي لتزعم المعارضة، التي انضم اليها بعد نتائج الانتخابات المخيبة للامال والتي كانت بمثابة صفعة غير منتظرة، تلقاها الحزب، وأربكت عمله لفترة، جعلته يغير تسميته تماشيا مع موقع الجديد، غير أن المرزوقي لم يفوت الفرصة في التهجم على بقية أحزاب المعارضة، وهو ما عقّد طموحاته في تزعمها. هوس الزعامة، تسبب أيضا في انفصال الأخوين عصام الشابي الامين العام الحالي للحزب الجمهوري، وأحمد نجيب الشابي رئيس الحركة الديمقراطية المكونة حديثا، رغم التكتم على اسباب انسحاب نجيب الشابي من حزبه الاصلي، إلا أنه تحالف بحركته الجديدة مع الجمهوري في إطار ائتلاف مدني، تشكل لأهداف انتخابية. وتجمع اغلب الاطراف المشاركة في الحكومة والمعارضة على أن الجبهة الشعبية تعيش حالة من الصراع على الزعامة بين قياداتها، وصراع لتزعم المعارضة، وكان الناطق الرسمي باسمها قد نفى في عدة مناسبات الاتهامات الموجهة اليه بتنصيب نفسه زعيما على المعارضة. وقال في احد تصريحاته رد فيها على على انتقادات احمد نجيب الشابي "لست زعيما للمعارضة ولكن الجبهة الشعبية هي الطرف الرئيسي في احزاب المعارضة". وتابع حمة الهمامي الزعامة تفرض من خلال النضال ويمنحها الشعب ولا تعطى من قبل اي طرف. ويسعى حاليا، الوزير السابق والنقابي عبيد البريكي، الى فرض نفسه وسط المعارضة، بطرحه مبادرة لم الشمل أو ما قدمها في بدايات طرحها ب"اليسار الكبير"، وأكد أنه يطمح من خلالها الى لم شتات اليسار التونسي المفتت، بين الاحزاب والجبهات. وتعيب بعض الأطراف أيضا على المعارضة المتمثلة سواء في أحزاب اليسار، أو الأحزاب الاجتماعية الديمقراطية، مثل التيار الديمقراطي، وحراك تونس الإرادة، وغيرهم، أنها لم تستطع صياغة خطاب جاذب باستثناء ما يتعلق منه بانتقاد الائتلاف الحاكم. هذا وبقيت أحزاب أخرى تتخبط ولم تتمكن من تحديد هويتها وأهدافها لتتموقع في الساحة السياسية، في الوقت الذي فضلت فيه بعض الأحزاب السياسية التي كانت تصنف نفسها في السابق ضمن خانة المعارضة الدخول في صف الموالاة.