لا حديث، خلال الأيام الأخيرة، إلا عن سباق الانتخابات التشريعية والرئاسية المزمع إجراؤها في 2019، لاسيما بعد تداول أنباء عن إمكانية تأجيلها، الأمر الذي من شأنه تعكير مسار الإنتقال الديمقراطي الذي تسعى تونس إلى إنجاحه. أحزاب ضدّ التأجيل وفي خضم هذا الشأن، دخل عدد من الفاعلين في المشهد السياسي على الخط، منددين بالأنباء التي تروج لتاجبل الانتخابات ومشددين على ضرورة إجراء الاستحقاقات الانتخابية المنتظر إجراؤها خريف 2019 في موعدها. و من جهته، اعتبر الاتحاد الوطني الحر أن الدعوات لتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية ألقادمة "محاولات لتكدير الوضع السياسي والاجتماعي في تونس "، وفق تقديره. وحذّر ،في بيان نشره امس الاثنين، "من نشر مثل هذه الأفكار غير المسؤولة التي من شأنها المسّ من صورة تونس في الخارج"، مؤكدا ان الاستحقاق التشريعي والرئاسي القادم هو فرصة للتقييم والإصلاح والعودة الى المواطن ليجدد الشرعية لمن يراه مناسبا وهو حق لا يجب سحبه منه تحت أي ذريعة. واستغرب في السياق ذاته من المقارنات بين تأخير الانتخابات البلدية الماضية واستحقاق 2019 القادم، مبينا أن التأخير الذي سجل في البلديات كان بغرض استكمال مقومات أول ديمقراطية محلية بعد الثورة من مجلة جماعات محلية وتسخير الامكانيات التنظيمية واللوجستية والقضائية الكفيلة بإنجاح الانتخابات. ودعا الحزب الكتل البرلمانية الكبرى بالبرلمان وخاصة كتلة الائتلاف الوطني و كتلتي حركة النهضة و نداء تونس الى العمل سويا لإنجاح المحطة الانتخابية المقبلة وذلك باستكمال تركيبة الهيئة العليا المستقلة لانتخابات وتركيز المحكمة الدستورية. بدوره، استنكر حزب حراك تونس الإرادة، في بيان نشره امس الإثنين، ما اعتبره “مناورات رئيس الجمهورية بخصوص فرضية تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية لسنة 2019”. ولفت الحراك إلى أنّ مجرّد “طرح الموضوع في حد ذاته، هو مسألة خطيرة تمسّ من سيادة الشعب ومن حقوقه الدستورية في اختيار ممثّليه في الحكم بطريقة ديمقراطية”. ووجه الحزب انتقادات لاذعة لرئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ودعا الحزب “القوى الديمقراطية إلى التصدّي لهذه المناورة التي تضاف لعديد المناورات لرئيسٍ يتضح اليوم فشله في كل الميادين، ودوره السلبي في الأزمة الاقتصادية الخانقة، وفي ضرب وحدة التونسيين واستقلال البلاد”، معتبراً أنّ “رحيله ضرورة لتجدد مسار النهوض السياسي والاجتماعي والأخلاقي”، وفق البيان. وكانت حركة النهضة قد اعتبرت، في بيان نشرته الخميس المنقضي، أن استمرار إنجاز المحطات الانتخابية في آجالها الدستورية هو “شرط التحرر من الدكتاتورية وعلامة إنفاذ الإرادة الشعبية. ولفتت الحركة إلى انه “بدون انتخابات تنتفي الشرعية، وأن أيّ تشكيك في العملية الانتخابية يمثل ضربًا لمسار الانتقال الديمقراطي”. و في الصدد ذاته، أكد القيادي في حركة النهضة سمير ديلو ، في تصريحات إعلامية الجمعة موفى شهر اوت المنقضي، أن الحديث عن فرضية إمكانية تأجيل انتخابات 2019 هو من قبيل العبث . وتابع ديلو قائلا ” الانتخابات يجب أن تُنظم في موعدها ..وستنظم في موعدها رغم كل العوائق على غرار عدم انتخاب رئيس هيئة جديد بعد تقديم محمد التليلي المنصري لاستقالته.” و من جانبه، نبّه الحزب الجمهوري لخطورة التصريحات والمواقف التي تشير إلى إمكانية تأجيل الانتخابات العامة لسنة 2019 على المسار الانتقالي وترسيخ النظام الديمقراطي، مؤكدًا أن المساس بالشرعية الانتخابية القائمة على احترام الدستور ودورية الانتخابات ونزاهتها يشكل خطرًا حقيقيًا على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي بما يهدد مكتسبات الجمهورية الثانية. وبدورها ، شددت حركة الشعب على رفضها المساس بالنظام الإنتخابي و بالمواعيد الدستورية للإنتخابات التشريعية و الرئاسية 2019. واعتبرت ذلك “محاولات فاشلة للعودة بالبلاد إلى مربع النظام التسلطي و تقاسم السلطة و النفوذ بين حزبين ليبراليين و تهميش كل قوى المعارضة”، وفق ما جاء في بيان لمكتبها السياسي. كما أكدت حركة الشعب دعوتها للإسراع بتركيز المحكمة الدستورية و انتخاب رئيس للهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات لضمان إنتخابات شفافّة تتساوى فيها الفرص و في آجالها الدستورية. وتلتقي الآراء والمواقف السياسية الرافضة لمسالة تأجيل موعد اجراء الانتخابات مع ما عبر عنه وفد من الكونغرس الأميركي لدى زيارته خلال الايام القليلة الماضية لتونس، حيث أكد ” بالغ انشغاله من أي تلاعب بالمواعيد الانتخابية' . وفي خضم هذا الشأن، كان المتحدث باسم مجلس نواب الشعب محمد، بنصوف قد اكد، إثر لقاء رئيس البرلمان محمد الناصر مع الوفد الأميركي، أن وفد لجنة الشراكة بالكونغرس شدد على ضرورة إجراء انتخابات 2019 في موعدها، وعلى الإسراع بانتخاب رئيس جديد للهيئة العليا المستقلة للانتخابات، علاوة على إرساء دعائم المحكمة الدستورية بما يضمن مواصلة الانتقال السياسي الناجح في تونس. جدير بالذكر ان مجلة فرنسية كانت قد تحدثت خلال شهر مارس الماضي عن إمكانية تأجيل انتخابات 2019 بشقيها الرئاسي والبرلماني، وسعي رئاسة الجمهورية إلى تمرير مخطط للتمديد للرئيس لمدة سنتين، أي إلى حدود سنة 2021، وبالتالي تأجيل انتخابات 2019، مع الترويج لعدم توفر الظروف الملائمة لإجرائها في موعدها. الكرة بين يدي رئيس الجمهورية وفي خضم هذا الشأن، أكد نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عادل البرينصي إنه لا صحة لما يتداول بشأن احتمالية تأجيل الانتخابات المقررة في 2019. كما لفت إلى ان الهيئة ،رغم صعوباتها الداخلية، تعمل بشكل طبيعي، منوها بأنه في صورة عدم التوصل الى انتخاب رئيس جديد للهيئة يمكن لنائب رئيس الهيئة أن يحل مكانه في تسيير الأوضاع حتى انتخاب رئيس جديد، وأن القانون يسمح للنائب بالقيام بمهام الرئيس، وبالتالي فإن في وسع الهيئة مباشرة استعداداتها للانتخابات القادمة. وقانونيا، الهيئة هي الجهة الوحيدة المخولة لضبط موعد الانتخابات التشريعية والرئاسية والاعلان عنه قبل 8 أشهر من موعده، بيد انه في امكان رئيس الجمهورية إفساد ذلك من خلال الامتناع عن دعوة الناخبين قبل 3 اشهر من يوم الاقتراع، كما سبق أن حدث في الانتخابات البلدية الماضية التي تأجلت بتعلة تعذر انتخاب رئيس للهيئة بسبب عدم ضمان 109 أصوات في مجلس النواب.