أيّام قرطاج المسرحية مناسبة أخرى تؤكد من خلالها تونس ريادتها الثقافية وقدرتها العجيبة على أن تكون أرضا للحوار والاختلاف فالمنجز الثقافي في تونس يعمل وفق رؤية واضحة جوهرها أن تكون «منارة ثقافية دائمة» كما جاء في البيان الانتخابي لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي. لا تملك تونس موارد طبيعية كبيرة ولا جغرافيا كبيرة ولا عددا كبيرا من السكان ولكنّها رغم قدرها الجغرافي استطاعت أن تكون قلبا للعالم فلا توجد دولة عربية واحدة تستطيع أن تنافس تونس في حياتها الثقافية التي جعلتها مقصدا بل مرجعا في مهرجانات السينما والمسرح والفنون التشكيلية وموسيقى الجاز والأوبرا والموسيقى الكلاسيكية. إنّها تونس التي تحب الحياة و«تفتح نوافذ للمستقبل» كما قالت الفنّانة العظيمة فيروز في كلمتها القصيرة في آخر زيارة لها إلى تونس سنة 2007. هذا قدر تونس الانتصار للحياة وللحداثة وللمستقبل وللنظام الجمهوري وهو أساس اختيارات الدولة الجوهرية إن التجمع الثقافي الذي تحتضنه تونس هذه الأيام بمناسبة أيام قرطاج المسرحية يؤكد بما لا يدع مجالا للشكّ أن قدر تونس كان وسيبقى أن تكون قلبا للعالم منذ أن تأسست قرطاج وأشعت بأنوارها على الضفة الأخرى للمتوسط مرورا بالقيروان وتأسيس الجامع الأعظم والمهدية وصولا إلى العصر الحديث الذي افتكت فيه تونس عن جدارة امتياز سلامة اختياراتها وانتصارها للإنسان وللحياة الجميلة فليحيا المسرح لتحيا تونس.