يمكن القول إن القطاع السياحي انهى العام دون تأثر سلبي كبير نتيجة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية إذ توفق في تقليص التراجع في عدد السياح إلى مستويات دنيا لم تتجاوز 2.3٪ وهو تراجع رافقته زيادة في العائدات فاقت 2٪ . وقد تكون السوق المغاربية التي ساهمت بقرابة 46٪ من اجمال عدد السياح الوافدين دعمت قدرة السياحة التونسية على مواجهة تراجع السفر والسياحة التي عانت منها كل الوجهات السياحية في العالم و التي برزت عندنا بتراجع الأسواق الأوروبية بنسب متفاوتة يستوجب تداركها في أقرب الآجال. وقد تكون الأسعار التنافسية للوجهة التونسية وراء تواصل التدفق السياحي بنفس النسق تقريبا وهو عامل كان الجميع ينتقده ويقول انه يساهم في جعل الوجهة التونسية مقصدا للحرفاء اصحاب الدخل المحدود. وان تجاوزت السياحة التونسية سنة ازمة بلا أضرار كبيرة فإنها أصبحت مطالبة باجراءات اصلاحية هيكلية تمر حتما عبر تسريع نسق تأهيل المؤسسات وتحسين الخدمات المسداة للحرفاء و النهوض بالجودة وتطوير التكوين. إن تحقيق هذه الاصلاحات يمثل ضمانة لتحقيق أهداف البرنامج الرئاسي للخماسية القادمة الذي يهدف الى تحقيق مردود أفضل للقطاع والاقتراب تدريجيا من استقبال 10 ملايين سائح قبل 2014 . وقد تكون إدارة السياحة أشد حرصا على تحقيق هذه الأهداف من عديد المهنيين الذين قد يكون هاجس التقشف والسعي الى الضغط على المصاريف قادهم الى اهمال جهود الجودة و التأهيل رغم التشجيعات والتمويلات المرصودة لهم. إدارة السياحة وجدت الحل في تشديد المراقبة ومعاقبة المخالفين الذين لا يحترمون مواصفات الجودة ويتلاعبون بمعايير حفظ الصحة وغيرها من مكونات خطة تجويد الارتقاء بالخدمات وتحسين ظروف الاستقبال والاقامة والحجز والاكل والترفيه... في هذا الخضم بادرت الوزارة الى القيام بأكثر من 25 ألف زيارة مراقبة وتفقد استهدفت مختلف المنشآت السياحية في البلاد وانتهت الى اتخاذ قرارات غلق 11 فندقا والحط من تصنيف 82 آخرين ودعوة 130 فندقا الى اجراء تحسينات في آجال محددة قبل الاضطرار الى التنقيص في عدد نجومها. ان فرض الجودة بالعقوبات لا تكفي حتى بعد التفكير في بعث خطة السائح الرقيب الذي سيتولى المراقبة السرية وهو ما يدعو الى مزيد توجيه المهنيين الى هذه المسألة لانها تبقى مسؤوليتهم قبل غيرهم وهم المستفيدون من نتائجها اكثر من الادارة . صحيح ان عديد الفنادق تعاني اليوم من ارتفاع حجم مديونيتها لدى البنوك وتبدو غير قادرة على تحمل استثمارات وقروض جديدة لكن مسألة تحسين الجودة وارضاء الحرفاء الذين زادت متطلباتهم لم تعد تحتمل التأجيل وبالتالي فإن كل تأخير في الحسم وفي اتخاذ القرار قد يعيق القدرة على استقطاب الحرفاء والرفع من المردودية وبالتالي قد يخلق أزمة للقطاع ككل. فهل يتم التفكير في بعث هيكل خصوصي لتمويل النهوض بالجودة الشاملة في الفنادق والمؤسسات السياحية يسدد المستفيدون منه قروضه على المدى المتوسط خاصة وان الوجهة التونسية مازالت مفضلة إلى حد الآن وقادرة على المنافسة.