ذلك ما سار على تطبيقه النادي الرياضي الصفاقسي والترجي الرياضيالتونسي في علاقتهما بالرغم من الأحداث المؤلمة التي ميزت تاريخ المواجهات بينهما على امتداد عدة عقود وإن انتقال اللاعب أيمن بن عمر الى صفوف الترجي قادما من شقيقه الصفاقسي دليل صارخ على متانة العلاقة بين الفريقين ولكن ومع ذلك فإن الذاكرة الرياضية لا يمكنها أن تستحضر تاريخ المواجهات بينهما دون أن تحضر في الاذهان واقعة نهائي الكأس عام 1971 وحصول اللاعب المميز حمادي العقربي على البطاقة الحمراء ضمن مسابقة الكأس أيضا أمام الترجي خلال موسم 1973 1974، إضافة الى «قضية» اسكندر السويح بعد انتقاله الى صفوف الترجي خلال موسم 2001 2002، وواقعة انسحاب النادي الصفاقسي من المقابلة في إطار البطولة بتاريخ 29 ديسمبر 2007. الاحداث المؤلمة أيضا رافقت الفريقين وتوحدت بطريقة غريبة ودراماتيكية حتى في طريقة وفاة اثنين من عمالقة الفريقين هما محمد علي عقيد والهادي بالرخيصة بعد أن وافاهما الاجل المحتوم على أرضية الملعب... واقعة 13 جوان 1971... دقيقة واحدة كانت كافية ليسجل النادي الرياضي الصفاقسي هدف الفوز بالكأس عن طريق الطرابلسي في مقابلة استبسل خلالها المدافع رؤوف النجار الذي أكمل المقابلة معصوب الرأس وقد رافقت هذه المقابلة أحداث مؤلمة يفسرها قائد الترجي الرياضيالتونسي خلال تلك المقابلة رضا عكاشة كالآتي: «إنها فعلا أحداث مؤسفة فقد حصل الاتفاق بين الترجي والاتحاد التونسي على إجراء المقابلة المتأخرة في إطار البطولة الوطنية وهو ما كان سيعني حتميا انتهاء العقوبة المسلطة على اللاعب أحمد الهمامي وإمكانية مشاركته في نهائي الكأس لكن يبدو أن السلطة كان لها رأي آخر وارتأت أن نخوض الدور النهائي للكأس في وقت كان فيه الترجي قاب قوسين أو أدنى من الظفر بلقب البطولة... أما مقابلة النهائي فقد دارت في ظروف عادية نسبيا وقد تألق خلال هذا النهائي المدافع رؤوف النجار في صفوف النادي الرياضي الصفاقسي وكان حقا بطل ذلك النهائي الشهير... لكن بمجرد اعلان الحكم عن نهاية المقابلة (الحكم من المغرب ويدعى بورزقي) اقتنعنا بالامتزاج العلني والواضح بين السياسة والرياضة فقد انهالت المقذوفات على المنصة الشرفية (احذية وقوارير وحتى التراشق بالنظارات لمن لم يجد شيئا يقذف به نحو الآخرين !!!). انها فعلا أحداث موسفة...». النتيجة... أدت تلك الأحداث الى حل الهيئة المديرة لفريق الترجي التي كان يرأسها المرحوم علي الزواوي وتجميد نشاط فرع كرة القدم مدة 42 يوما قبل ان يعود الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة من سفرته الى سويسرا حيث كان يتداوى .. فأعاد المياه الى مجاريها وبعدها ناشد أحباء الترجي بورقيبة بتزكية رئيس جديد للفريق من بين الشخصيات ذات الاشعاع والكفاءة العالية في التسيير مما جعل الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة يختار المرحوم حسان بالخوجة .. وتم خلال ذلك الموسم حذف كل النتائج التي يحصل عليها الترجي في مشوار البطولة بعد «أن كان مرشحا بارزا للظفر باللقب» وهو ما أكده قائده آنذاك رضا عكاشة. بطاقة حمراء في وجه العقربي !! عرف اللاعب المميز حمادي العقربي برفعة اخلاقه فهو فنان أصيل فوق الميدان ومثال يحتذى في دماثة الأخلاق ولكن يبدو ان المواجهات الساخنة مع الترجي أجبرته على الحصول على البطاقة الحمراء وكان ذلك ضمن مسابقة الكأس خلال موسم 19731974، وعن تلك المقابلة تحدث رضا عكاشة قائلا: «الحقيقة انه أصابنا الذهول عند طرد اللاعب الممتاز حمادي العقربي فذلك ما لم نتصوره أبدا فقد اعتدى على حكم المقابلة «القادري» وتسبب في ضربة الجزاء التي تحصل عليها الترجي... وأذكر بدوري أنني تلقيت اصابة على مستوى الفم بعد تدخل مع أحد لاعبي النادي الصفاقسي وفزنا خلال ذلك اللقاء برباعية دون مقابل في الوقت الذي فاز علينا فيه النادي الصفاقسي في المقابلة الاولى في تونس بهدف لصفر»... الانسحاب المر... سيبقى يوم 29 ديسمبر 2007 من التواريخ المؤسفة أيضا في تاريخ المواجهات بين الفريقين فلئن انسحب منتخبنا الوطني عام 1978 أمام المنتخب الغاني في «كان» غانا احتجاجا على التحكيم فان النادي الرياضي الصفاقسي ارتأى بدوره الانسحاب خلال المقابلة التي جمعته بالترجي لحساب البطولة خلال موسم 2007 - 2008 وذلك احتجاجا على الحكم سمير الهمامي بعد التدخل العنيف على الغاني أبوكو من حارس الترجي حمدي القصراوي خاصة وأن فريق عاصمة الجنوب كان قد تعرض قبل ذلك التاريخ الى ضربة موجعة تمثلت في تعرض لاعبه أمير الحاج مسعود إلى تدخل عنيف بقيت صوره راسخة في الأذهان الى حد اللحظة على مسرح القوافل الرياضية بقفصة وعن ذلك التاريخ تحدث السيد عماد المسدي المسؤول السابق بالنادي الصفاقسي قائلا: «كنا ضحية التحكيم خلال تلك المقابلة... اذ تنطبق علينا مقولة «مكره أخاك لا بطل» فقد تعرض فريقنا آنذاك الى تدخلات عنيفة على لاعبي الفريق في وقت تواصلت خلاله الهفوات التحكيمية ولم تحسن الرابطة اختيار الحكم المناسب، فسمير الهمامي خلال تلك المقابلة ارتكب هفوة تحكيمية مضاعفة عندما أشار في ورقة المقابلة انه نبّه على قائد الفريق (عصام المرداسي آنذاك وتجاه المسؤول) وهو ما لم يحدث مما جعله يتدارك الامر بتقرير تكميلي في مرحلة لاحقة...وتعرضنا الى عقوبات متناقضة حيث تمت معاقبة المدرب (دي كستال آنذاك) بستة أشهر وتراجعت العقوبة الى ثلاث مباريات فحسب ووقع خصم نقطتين من رصيدنا ولكن لم تقع عقوبة اللاعبين وهو ما يؤكد دون أدنى شك ان المسؤولين غير مقتنعين أصلا بالعقوبات المتخذة تجاه فريقنا... انها من الذكريات السيئة... ولكن الانسحاب لم يكن سابقة مثلما تحدث بعضهم...». مال السويح... عمليات انتقال اللاعبين المحليين والاجانب بين الاندية التونسية وما رافقها من توتر في العلاقات وتراشق علني وضمني للتهم بينها أشهر من ان نذكر به وتكفي ا لاشارة في هذا الصدد الى قضية الايفواري «كايتا» وما صاحبها من توتر بين النجم والترجي خلال ديسمبر 2000... والأمر حدث أيضا بين النادي الصفاقسي والترجي عندما انتقل اللاعب المميز اسكندر السويح الى صفوف الترجي خلال موسم 2001 2002 قادما من فريق عاصمة الجنوب وقد حدث الخلاف بين الفريقين عندما حرم النادي الصفاقسي الى حد اللحظة من منحة تكوين هذا اللاعب!!! حركة استفزازية لم تتوقف الأحداث المؤلمة بين الفريقين عند هذا الحد بل تجاوزتها الى حركات استفزازية من صلب الهياكل الرياضية وكان ذلك بتاريخ 22 ماي 2005 بملعب رادس ففي الوقت الذي غصت فيه مدارج درة المتوسط بجماهير الترجي الرياضيالتونسي وترجي جرجيس بمناسبة نهائي الكأس وقع تسليم لاعبي النادي الصفاقسي لقب البطولة فنزلوا على مضمار الملعب وقاموا بدورة شرفية أمام جماهير فريقي النهائي!!! عقيد بالرخيصة... وحدة المصير اختلف المكان من المملكة العربية السعودية الى ملعب زويتن... والتقت الاحزان بالطريقة نفسها... وكانت الأشد وقعا على نفوس أحباء الفريقين.. فالمرحوم محمد علي عقيد اللاعب السابق للنادي الرياضي الصفاقسي وأحد عمالقة المنتخب الوطني توفي على أرضية ميدان نادي الرياض اثر صاعقة أصابته واختارته الاقدار دون سواه... وتحديدا يوم 12أفريل1979... مضت الايام حتى حل يوم مشابه لذلك اليوم الحزين وكان هذه المرة عام 1997 وتحديدا يوم 4 جانفي من ذلك العام عندما فارق العملاق الآخر للترجي والمنتخب الهادي بالرخيصة الحياة بطريقة مشابهة عندما سقط طريح الميدان خلال مقابلة ودية بين الترجي وليون الفرنسي، ونحن نتمنى ألا تتعكر العلاقات الترجي الصفاقسي من جديد بعد التصريحات اللاذعة لهيثم مرابط تجاه البنزرتي... فهذان العملاقان مدرستان للأخلاق والفن الاصيل.