بكلّ المعايير ستكون مشاركة الأحزاب السياسية والمستقلين قياسية خلال الموعد الانتخابي البلدي المقرّر ليوم 9 ماي المقبل، فبانتهاء آجال تقديم الترشحات مساء السبت الفارط يُمكن وبقراءة أوليّة رصد ملامح تطوّر هامّة تؤشّر لتطلعات واسعة حيال تعدّدية أكبر وأشمل في المجالس البلدية للخماسية المقبلة، إذ تشير مصادر حزبية وسياسية مختلفة إلى أنّ الأطراف المنافسة للتجمّع الدستوري الديمقراطي، الحزب الحاكم في تونس، تمكّنت من التقدّم بأكثر من مائتي قائمة انتخابية وهو عدد يرتفع بكثير عن الانتخابات البلدية السابقة حيث لم تدخل المعارضة والمستقلين إلاّ في زهاء مائة دائرة انتخابية. هذا التطوّر المسجّل في حجم الترشحات يعكسُ إلى درجة كبيرة ما أضحت عليه الحياة السياسية في تونس من دينامية وحركية ناهيك وأنّ جلّ قيادات الأحزاب المعارضة والعديد من الوجوه والكفاءات المستقلة اندفعت هذه المرّة وبشكل حفّز المناضلين وعموم المواطنين في أغلبية جهات البلاد للمشاركة والتواجد ضمن القائمات الانتخابية. وبضوابط ومحدّدات الرؤية التونسية للإصلاح الّتي رعاها الرئيس زين العابدين بن علي منذ سنة 1987 فإنّ الحراك السياسي في البلاد يتطوّر وينمو في اتجاه ثابت نحو المزيد من الديمقراطية والتعدّدية،على نحو ترتقي فيه كلّ الأنظار لتترقّب أفقا جديدا ومرحلة جديدة غداة الموعد الانتخابي المقبل. وما من شكّ في أنّ الارتقاء بالمشهد السياسي العام في البلاد إلى مستوى تلك التطلعات والانتظارات يحتاج إلى نشر ثقافة التعدّد والاختلاف داخل مختلف الجهات وتنمية واقع الديمقراطية والتعدّدية المحليّة بما يعزّز لروح المشاركة بين كلّ التونسيين والتونسيات، وقد أكّد السيّد الرئيس خلال خطابه في ذكرى عيدي الاستقلال والشباب أنّ انتخابات ماي المقبل ستكون محطّة مهمّة على ذلك الدرب. وبهذا التنافس وبهذا الحجم من الترشحات والقائمات سيُتاح للناخبين هوامش إضافية لاختيار من سيقومون مستقبلا برعاية مصالحهم المحلية وقضاء شؤونهم اليومية، وفي ذلك تكمُن مسؤولية المواطن والناخب في تصعيد وانتخاب الأكفأ والأجدر. إنّها مناسبة جديدة على درب التعدّديّة والديمقراطيّة، مناسبة مهمّة لكلّ مكوّنات المجتمع فيها أدوار ووظائف ومسؤوليات بداية بتأمين التنافس النزيه والتخلّص من كلّ عيوب الممارسة الانتخابية والدعائيّة والّتي على رأسها أصناف الهيمنة والمضايقات وصولا إلى الإقرار بثقافة التعدّد والإيمان بروح الاختلاف والقبول بالرأي المخالف في كلّ المدن التونسية حتى لا تكون مظاهر الحداثة والتمدّن مقتصرة على المركز والمدن الكبرى دون سواها من المناطق الداخليّة.