سيدة فاضلة يبدو أنها مسكونة ومتيمة بحب مسقط رأسها. هتفت إليّ من جندوبة شاكرة إشارتي في بطاقة سابقة إلى أن «المدن كالناس بوجوهها» وإلى أن وجوه المدن هي مداخلها وإلى أن مدخل جندوبة لا يشرّف جندوبة. نعم شكرت وأطنبت في الشكر لا لتجعل من قلمي «طبال ومعرّس لولده» ولا الطبال نفسه «معرس لنفسه». ولا لتجعل منه مغمورا مخمورا «يحمّص ويبارك لروحه» وإنما لإيمانها بأن الأقلام أيضا كالناس بوجوهها فيها المليح وفيها القبيح وفيها المريح وفيها الشحيح وفيها المريض وفيها الصحيح وأنفعها الفصيح وأضرّها ذاك الذي حيثما ماحت الريح يميح. هذه السيدة لا أعرفها ولا تعرفني وإنما تعرف قلمي ربما أكثر مني لذلك هتفت إليّ تحملني عبء البحث عن جواب لهذا السؤال الذي يقول: لماذا عندما كانت الامكانيات المادية ضعيفة كانت الانجازات أكبر مما نتصور وعندما أصبحت الامكانيات عظيمة يكون الانجاز في أكثر من حالة أقل بكثير من الامكانيات وممّا هو متصور في منظور هذه السيدة الفاضلة طبعا. لست من الدارسين للجدوى الاقتصادية لا من بعيد ولا من قريب حتى أدلي بدلوي للجواب عن هذا السؤال. ولست مراقب مصاريف ولا مراقب أشغال لا من بعيد ولا من قريب حتى أحكم إن كان «قد التراب قد الحفرة» أم أكثر أم أقل كل ما أعرفه أن هذه السيدة الفاضلة رأت ذلك وتبحث عن جواب يشفي غليلها ويأتي على حيرتها في هذا الشأن. ولهذا أقول حتى لا يبقى السؤال حفرة في مخّي المال قوّام الأعمال نعم وقبله الرجال أيضا يا سيدتي.