علمت «الشروق» أنّ اللجان البرلمانية تدرسُ حاليا مشروع قانون تقدّمت به الحكومة يتعلّق بتوحيد سن الرشد المدني، وذلك قبل عرضه لاحقا على أنظار الجلسة العامة للنقاش الختامي والمصادقة النهائيّة. ومشروع القانون المشار إليه هو ترجمان لما تضمّنه البرنامج الرئاسي للخماسية المقبلة ويهدف أساسا إلى استكمال التوجّهات الحديثة للتشريع التونسي في اعتبار الشاب الّذي وصل إلى سنّ الثامنة عشر عاما قد بلغ درجة من النضج والوعي والإدراك تخوّل له تحمّل المسؤوليّة المدنية الكاملة والمشاركة الفاعلة في الحياة الاجتماعية والاقتصاديّة والسياسية. كما يهدف توحيد سن الرشد من ناحية اخرى إلى تحقيق الانسجام والتوافق بين أحكام المسؤوليّة الجزائيّة وأحكام المسؤوليّة المدنيّة باعتبار أنّ الشاب يتحمّل حاليّا المسؤوليّة الجزائيّة كاملة عن أفعاله عند بلوغ سن 18 عاما وما يترتّبُ عن ذلك من عقوبات زجريّة يستوجبُها القانون، لكنّ وليّه يتحمّل المسؤوليّة المدنيّة إلى حين بلوغ سن 20 عاما. وممّا لاشكّ فيه فإنّ توحيد سن الرشد سيُفضي إلى رفع الالتباس الّذي يكتنفُ المركز القانوني الحالي للشخص الّذي تجاوز سن الطفولة وبلغ سن الرشد الجزائي إلاّ أنّه يبقى قاصرا مدنيّا إلى حين بلوغ سن 20 عاما. وصية ونفقة يُذكر أنّه وتدعيما للتوجّه الرامي إلى تمكين الفرد من المساهمة الفاعلة في الحياة الاجتماعيّة والاقتصادية فقد صاحب النزول بسن الرشد المدني إلى 18 عاما النزول بالسن الدنيا للوصيّة إلى السادسة عشر عاما وذلك باعتماد الفارق بعامين المقرّر في القانون الحالي ممّا يُجيزُ الوصيّة من القاصر قبل بلوغ سنّ الرشد القانوني بعامين إذا أمضاها القاضي. وطالما تمّ تخفيض سن الرشد المدني إلى 18 عاما وفقا لأحكام مشروع القانون فإنّ الترشيد التجاري المنصوص عليه بالفصل 6 من المجلة التجاريّة يُصبحُ غير ذي موضوع وتمّ تبعا لذلك إلغاء الفصل 6 من المجلة التجاريّة. كما تجدر الإشارة إلى أنّ الحطّ من سن الرشد المدني لا يمسّ من حقّ مستحق النفقة في الإنفاق عليه وفقا للمدد المحدّدة بالفصل 46 من مجلّة الأحوال الشخصيّة والتي تبقى سارية المفعول. وتأمينا لحقّ الحاضنة في السكنى مع محضونها ولعلاقة المسكن بالنفقة تمّ التأكيد على عدم انسحاب المشروع على واجب الإسكان المنصوص عليه بالفصل 56 من مجلّة الأحوال الشخصيّة. أحكام انتقاليّة وضمانا لحسن تطبيق أحكام هذا المشروع القانوني الجديد من حيث المواد التي ينسحب عليها ومن حيث الزمان قصد تفادي المساس بالحقوق المكتسبة في ظلّ القانون القديم فقد تضمّن المشروع أحكاما انتقاليّة (الفصول 8 و9 و10) والتي تهدف إلى تحديد مجال انطباق مشروع القانون المعروض وذلك بحصره في المواد والحالات التي شملها دون سواها، وذلك درءا لكلّ تأويل محتمل من شأنه أن يمسّ بالأحكام القانونيّة الواردة بالنصوص الخاصة الأخرى التي تحدّد سنا معيّنة كشرط من شروط ممارسة نشاط معيّن أو للانتداب أو للترسيم بإحدى المهن، بالإضافة إلى التأكيد على عدم مساس القانون الجديد بالحقوق والالتزامات المتولّدة عن التصرفات القانونيّة التي سبق إبرامها والقرارات القضائيّة التي سبق إصدارها قبل دخول القانون الجديد حيّز التنفيذ مع بيان طريقة احتساب الآجال المرتبطة ببلوغ سن الرشد المدني عند دخول القانون الجديد حيّز التنفيذ.