بقدر ما ننعم بالأمن والأمان في تونس، وبالسلم الاجتماعي والتكاتف والتآزر في بنائنا المجتمعي. وبقدر اهتمامنا بضحايا الحروب في كل أرض وطأتها قوات التحالف وبشاعة القتل فيها. بقدر استصغارنا لهول خسائرنا البشرية والمادية التي تكبدها لنا قوات التحالف بين السرعة والسكر واختراق القانون واللامبالاة في الحرب التي تدور رحاها في طرقاتنا والمعروفة بحوادث الطرقات والتي جعلتنا نحتل المرتبة الأولى عالميا من حيث عدد القتلى والجرحى الذين تتأرجح معدلاتهم بين خمسة قتلى و38 جريحا يوميا أي أكثر مما تتكبده قوات النيتو في أفغانستان والتحالف في العراق. وقدرت خسائرنا المادية سنة 2009 بحوالي 700 مليون دينار أما أكثر الأشهر دموية في طرقاتنا فهي أشهر الصيف وأكثر الأيام دموية هي أيام السبت وأكثر ساحات القتال عنفا هي الطرقات السريعة. ويبدو أن محاولات الطرق السلمية المبذولة لإيقاف نزيف هذه الحرب لم تجد نفعا ومنها تحسن البنية الأساسية تحسنا ملحوظا وتكثيف حملات التوعية والارشاد وانتشار الدوريات الأمنية في كل شرايين شبكة الطرقات وتركيز الرادارات وتسطير الطرقات ورفع علامات المرور في كل مكان تذكيرا وتنبيها وتوجيها وتحذيرا حتى أن بعضهم ادّعى أن كثرة «البلايك» على حواشي الطرقات باتت على مرمى رجل على الفرامل من أن تحجب الرؤية على السائق. قد يبدو في الادعاء نزر قليل من الصحة، ولكن ماذا يساوي خطر «بلاكة» في حاشية الطريق أمام سائق هو في حد ذاته «بلاكة» مقلوبة في قلب الطريق؟ الجواب نسمعه في كل يوم وبنفس الصوت المرعب بَابْ بُوبْ بَابْ بُوبْ.