يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    جماهير الترجي : فرحتنا لن تكتمل إلاّ بهزم الأهلي ورفع اللقب    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزارة السياحة أعطت إشارة انطلاق اعداد دراسة استراتيجية لتأهيل المحطة السياحية المندمجة بمرسى القنطاوي -بلحسين-    وزير الخارجية يواصل سلسلة لقاءاته مع مسؤولين بالكامرون    عمار يدعو في ختام اشغال اللجنة المشتركة التونسية الكاميرونية الى اهمية متابعة مخرجات هذه الدورة وتفعيل القرارات المنبثقة عنها    رئيس البرلمان يحذّر من مخاطر الاستعمال المفرط وغير السليم للذكاء الاصطناعي    سجنان: للمطالبة بتسوية وضعية النواب خارج الاتفاقية ... نقابة الأساسي تحتجّ وتهدّد بمقاطعة الامتحانات والعمل    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الرابطة 2: نتائج الدفعة الأولى من مباريات الجولة 20    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    زيادة ب 4.5 ٪ في إيرادات الخطوط التونسية    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    توزر: الندوة الفكرية آليات حماية التراث من خلال النصوص والمواثيق الدولية تخلص الى وجود فراغ تشريعي وضرورة مراجعة مجلة حماية التراث    تعاون مشترك مع بريطانيا    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    تامر حسني يعتذر من فنانة    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    الرابطة الثانية : نتائج الدفعة الأولى لمباريات الجولة السابعة إياب    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو إلى تنظيم تظاهرات طلابية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    عاجل/ عالم الزلازل الهولندي يحذر من نشاط زلزالي خلال يومين القادمين..    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق «ويكيليكس» حول العراق: كشف الحقائق... هل يكفي لوقف المحارق ؟
نشر في الشروق يوم 27 - 10 - 2010

حوالي نصف مليون وثيقة كاملة «قصف» بها موقع ويكيليكس العالم موثقا بالشهادات والتواريخ والأرقام جريمة العصر... أو بالأحرى جزءا يسيرا من جرائم ابادة ما خفي منها أفظع بالتأكيد...
ما كشفه الموقع الالكتروني وان كان قد وصفه البعض بأنه أكبر عملية تسريب معلومات سرية في التاريخ فإنه في الحقيقة لا يمثل مفاجأة كبيرة... ولا يميط اللثام عن أسرار مثيرة... فما تضمنته الوثائق، على أهميته القانونية والأخلاقية... لم يكن كشفا لكل المستور ولا تعرية لكل الحقائق الصارخة التي يعيشها العراقيون يوميا في كل شارع وكل حي بل وفي كل بيت عراقي... ما يعيشه العراقيون منذ أكثر من سبع سنوات من الاحتلال هو الجحيم بعينه. وهو المأساة والكارثة الحقيقية التي لا تخفى على عين أي مراقب ومتابع... لما يحدث من جرائم وفظائع... وثائق ويكيليكس... مهمة بلا شك... ولعل أهميتها تنبع أساسا من كونها موثقة باعترافات الجنود الأمريكان الذين قاموا بالغزو والعدوان على العراق... مما يعني أن هذه الوثائق تشكل ادانة أمريكية لأمريكا نفسها... لكن السؤال هنا ماذا بعد وثائق ويكيليكس؟... وهل أن مجرد كشف المستور وتعرية الحقائق... يكفي لانقاذ العراقيين من الجرائم والمحارق؟...
في هذا العدد الجديد من الملف السياسي تتحدث شخصيات سياسية وحقوقية عربية وهم السادة:
الدكتور حارث الضاري (الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق)
الدكتور محمد الدوري (المندوب العراقي السابق في الأمم المتحدة)
بديع عارف عزت (محام عراقي)
يحيى المعلم (أمين سر اللجنة الوطنية للدفاع عن الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الأمريكي والصهيوني)
الدكتور حارث الضاري: الوثائق إدانة مهمة للغزاة... وشهادة واضحة على حجم المأساة
٭ تونس «الشروق»:
أكد الشيخ حارث الضاري، الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق في اتصال هاتفي مع «الشروق» ان وثائق ويكيليكس تشكّل إدانة مهمة لقوات الاحتلال وعملائها لكنها لن تكون ذات جدوى إذا لم يتم توظيفها في اتجاه ردع الجلاّدين ومحاكمتهم امام محكمة جرائم حرب خاصة.
الشيخ حارث الضاري اعتبر في هذا الصدد ان سكوت العرب والمجتمع الدولي على ما يحدث في العراق لم يعد مبرّرا على الاطلاق بعد نشر هذه الوثائق وفي ما يلي هذا الحديث.
٭ بداية ما موقفكم فضيلة الشيخ مما جاء في وثائق ويكيليكس.. وإلى أي مدى يتطابق مضمون هذه التقارير مع ما حدث ويحدث في العراق، برأيكم؟
هذه الوثائق جاءت لتؤكد ما لدينا من عمل توثيقي لهذه الأحداث... ومع أنه لا يمثل في رأينا سوى غيض من فيض مما جرى في العراق منذ الغزو الامريكي الاستعماري فإنه يفيدنا ويدعم ما كنا نقوله وما لم يقبله الآخرون الذين زعموا ان معلوماتنا غير صحيحة والذين اتهمونا بالمبالغة وبتضخيم أعداء الضحايا من الشعب العراقي والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الأمريكي وميليشيات الحكومة العراقية العميلة..
هذه الوثائق تنبع أهميتها هنا من كونها جاءت من مصدر العدوان والاحتلال نفسه... اي من وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) التي رتبت وهندست الغزو الامريكي للعراق واحتلاله... وهذا معناه ان واشنطن تعترف بنفسها بارتكاب جرائم قامت بها هي نفسها في العراق..
٭ كيف تنظرون في هذه الحالة إلى الحضور الايراني في وثائق ويكيليكس؟
الدور الايراني كنا أول من حذّر منه وكنّا أول من كشف خطورته في العراق سواء في مؤتمراتنا أوبياناتنا او في لقاءاتنا مع «الشروق» وغيرها من وسائل الاعلام العربية الدولية الأخرى.. فقد قلنا منذ البداية ان إيران تمارس دورا تخريبيا وتدميريا وارهابيا ضد الشعب العراقي ولكنهم اتهمونا بالطائفية وبالارهاب الآن ها هو ويكيليكس يؤكد حقيقة ما حذّرنا منه... ما كشفته وثائق ويكيليكس حول الممارسات الايرانية في العراق يشكل شهادة واضحة حول ما جرى وما يجري... لكن الأهم في رأيي أن هذه الاعترافات ستجعل العالم بالتأكيد يهتم أكثر بما يجري في العراق لأنه قبل نشر هذه الوثائق كان المجتمع الدولي ساكنا... أما الآن لم يعد هناك اي عذر بعد ظهور هذه الوثائق والحقائق، للسكوت عما يحدث في العراق من جرائم وانتهاكات لحقوق الانسان...
٭ سياسيا، أي تداعيات يمكن ان تنجرّ عن هذه الوثائق إذن؟
للأسف، أعتقد انها ستعقّد الوضع أكثر وستزيد في تفجّر الأوضاع وستؤدي الى تدهورها وازديادها سوءا وازدياد الصراع السياسي القائم احتداما حيث نتوقع ان تعمل الجهات المختلفة المتصارعة على كعكة الحكومة على الدفاع عن حصتها بكل الطرق وستفعل كل ما في وسعها من أجل البقاء في السلطة... وهذا الصراع السياسي بالتأكيد ستكون له انعكاساته على الوضع الأمني الذي سيزداد تفجّرا...
٭ إزاء كل هذا الكم من الجرائم الموثقة بالارقام وباعترافات المجرمين أنفسهم... هل تفكّرون في التحرّك من أجل القصاص من هؤلاء؟
منذ الكشف عن هذه الوثائق أصدرنا بيانا ناشدنا فيه الجامعة العربية والأمم المتحدة القيام بدورهما في التحقيق في الجرائم التي كشفتها وثائق ويكيليكس وبتقديم المسؤولين عن هذه الجرائم الى محكمة خاصة حول العراق... لأن السكوت على مثل هذه الجرائم سيؤدي حتما الى أن يقوم هؤلاء الجلادون بارتكاب جرائم أخرى ربما تكون أخطر مما تم الكشف عنها... اليوم يجب ان تضع وثائق ويكيليكس العرب وكل العالم أمام مسؤولياتهم التاريخية... وإلا فإنه لن تكون هناك أية جدوى من هذه الوثائق.
الدكتور محمد الدوري: معلومات قديمة تؤكد فظاعة الجريمة
تونس (الشروق):
اعتبر الدكتور محمد الدوري، المندوب السابق للعراق في الأمم المتحدة في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف أن المعلومات التي نشرها موقع ويكيليكس غير جديدة لكنها مفيدة بالنسبة الى الشعب العراقي معنويا، على الاقل... الدكتور محمد الدوري قال إن الموقع لم يكشف كل المستور داعيا الى الاستمرار في فضح ما خفي من جرائم الغزاة وعملائهم.
وفي ما يلي هذا الحديث:
ما هي قراءتكم وتحليلكم لوثائق ويكيليكس... وما هي برأيكم مدلولات كشفها في مثل هذا الظرف بالذات؟
أعتقد أن هذه الوثائق، على أهميتها فإنها لم تأت بجديد وذلك لسببين:
1) أنها لم تغطّ كل الاحداث والجرائم التي حدثت في العراق سواء من جانب أمريكا وعملائها أو من جانب إيران وعملائها وذلك منذ احتلال العراق وتشكيل ما يسمّى مجلس الحكم... هذا المجلس الذي عيّنه الحاكم المدني الامريكي السابق في العراق بول بريمر... فكل هؤلاء اقترفوا جرائم لا يوجد لها مثيل في أي بلد من بلدان العالم ليس منذ الحرب العالمية الثانية فحسب بل منذ القرون الوسطى...
2) يبدو أن المصداقية غير موجودة إلا في الجهات والمصادر الاعلامية الامريكية ويبدو في رأي البعض أن ما عدا ذلك من مصادر إعلامية لا مصداقية له... وبالتالي كيف نفسّر كل هذا الاهتمام الاعلامي غير المسبوق بمعلومات قديمة ولا تمثل إلا جزءا يسيرا من حقائق أخرى مازالت خافية...
مع ذلك أنا أعتبر أن ما جاء به موقع ويكيليكس هو مهم جدا...
أين تكمن أهمية هذه الوثائق إذن إذا كانت مثلما قلتم قديمة وتمثل جزءا قليلا من المستور؟
في رأيي إنه على ضوء هذه الوثائق سوف يستفيد الضحايا وأقرباؤهم من الجرائم الموثقة في هذا التقرير... كما أنه من الممكن أن يستفيد البعض من نفس التشكيلة الحكومية من نشر هذه الاخبار لكن في النهاية كلهم ملوثة أيديهم بالدماء ومجرمون وسارقون وإن كان ذلك بدرجات متفاوتة وبالتالي أنا أقول إن ما خفي كان أعظم ولكن مع هذا شيء أحسن من لا شيء... فهذه المعلومات يمكن أن تكون مفيدة.
هناك رأي يذهب الى أن ظهور هذه الوثائق في هذا التوقيت أرادته واشنطن أن يكون بمثابة «العصا» في وجه المالكي وجماعته حتى يرضخوا ويأخذوا في نفس الوقت مسافة من إيران... فما رأيكم؟
أنا أتفق مع هذا الرأي ولم لم تكن هناك تصفية حسابات في ضوء الفشل في تشكيل الحكومة لشروطها في موضوع تشكيل الحكومة العراقية لما كان قد تم كشف المستور... القول كذلك بأن اختيار التوقيت لنشر هذه الوثائق كان مقصودا فيه أيضا جانب كبير من الصحة لكن أتمنى أن يستفيد الشعب العراقي على الأقل معنويا من هذه الوثائق وأن يتم التوجّه قدما نحو محاكمة الجناة والذهاب الى الأمم المتحدة.
لكن هل تعتقد دكتور، وأنت الذي كنت مندوبا للعراق في الأمم المتحدة وعايشت بأم عينيك تواطؤ هذه المنظمة في جريمة غزو العراق واحتلاله... هل تعتقد أنه من الممكن أن تنحاز الآن للحق والعدالة بعد أكثر من سبع سنوات من الاحتلال والابادة؟
ما تقوله صحيح... وأنا أشاطرك الرأي بأن الولايات المتحدة وعملاءها سوف لن يسمحوا برفع الموضوع الى الأمم المتحدة... لكن المحكمة الجنائية الدولية تستطيع أن تتصرف من تلقاء نفسها مع اعتقادي أنها غير قادرة على القيام بذلك الآن... أيضا أعتقد هنا أيضا أن هناك إمكانية لأن يقوم المجني عليهم برفع دعاوى ضد الجناة... هذه الخطوة ممكنة ولكن أيضا لا أعتقد أنه لن تكون لها نتيجة لأن كل هؤلاء عملاء ومورّطون في جريمة إبادة مازال لم يعرف الكثير من تفاصيلها وأسرارها... لكن الكل سيكون في النهاية أمام محكمة التاريخ... هذه المحكمة التي لن ترحم أبدا...
... ما هي الخطوات المطلوبة إذن حتى تحصل الاستفادة من هذه الوثائق بالنسبة الى العراق؟
الآن أعتقد أنه من المهم جدا بل إنه من المطلوب الاستمرار في مزيد فضح جرائم الاحتلال وعملائه... هناك جرائم كثيرة يجب أن يتم العمل على فضحها... وعلينا كعراقيين أن نقرأ جيدا ونستوعب الصورة... أما العرب فأعتقد أنه لن يحرّكهم أي شيء لأنهم مخدّرون أصلا لكن الشعب العربي الذي أصيب بالصدمة جراء ما جرى للعراق فإني أرى أن كشف هذه الجرائم سيزيد من تحفيزه على التحرك ومناصرة الشعب العراقي ومقاومته الباسلة...
المحامي العراقي بديع عارف عزّت: الوثائق تستدعي محاكمة بوش وتشيني ورامسفيلد وبلير
تونس (الشروق) :
أكد المحامي العراقي بديع عارف عزت محامي نائب رئيس الوزراء العراقي الأسير طارق عزيز في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف أن الجرائم الموثقة في تقارير ويكيليكس تضع الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن وكبار مساعديه ديك تشيني ورامسفيلد فضلا عن رئيس الوزراء البريطاني الاسبق طوني بلير في قفص الاتهام.. ودعا الاستاذ بديع عارف عزت الى تفعيل كل الطرق والقنوات القانونية العراقية والعربية والدولية من اجل القصاص من المجرمين.
وفي ما يلي هذا الحديث:
ما هو توصيفكم القانوني لمضمون وثائق ويكيليكس... وما هي آليات وقنوات التحرّك في اتجاه محاكمة المجرمين؟
لو عدنا الى قانون المحكمة الجنائية الدولية سنجد أن المادة رقم 1 من المحكمة لها سلطة ممارسة اختصاصها على الاشخاص الذين ارتكبوا جرائم خطيرة.. والأشخاص الذين اشتركوا في جريمة الغزو هنا ارتكبوا جرائم ترقى الى جرائم خطيرة.. جرائم إبادة جماعية... المواد السادسة والسابعة والثامنة من قانون المحكمة تجيز في هذه الحالة ملاحقة المجرمين من أمثال بوش الابن وديك تشيني ورامسفيلد وبلير... هؤلاء يجب ان يلاحقوا لأنهم تسببوا في مقتل مليوني عراقي وفي تشريد أكثر من 4 ملايين آخرين.. كما ان الواجب الاخلاقي يحتم ايضا على الأمين العام للأمم المتحدة في هذه الحالة التحرك فورا وممارسة سلطاته بالعمل على التحقيق في هذه الجرائم والقصاص من المجرمين والمجرمون هنا هم أيضا مسؤولو الحكومة العراقية الذين وبدل ان يدافعوا عن شعبهم الذي يدعون أنهم يمثلونه فإنهم تواطؤوا عليه مع الاحتلال حيث أنهم وافقوا مؤخرا على دفع 400 مليون دولار لجنود الاحتلال بداعي أن هؤلاء تضرّروا ماديا ومعنويا من القتال في العراق فهل بعد هذه المهزلة... مهزلة اذن... هؤلاء المجرمون يجب ان تتم محاسبتهم ومحاكمتهم.
... كما أنني أدعو هنا كل المنظمات الدولية الى عدم السكوت عن هذه الجرائم البشعة لأن السكوت عن مثل هذه الفظاعات المقرفة يعتبر قانونيا وأخلاقيا ودينيا تواطؤا مع الجريمة...
لكن، أنتم تعلمون أستاذ بديع أن الجنود الأمريكيين يتمتّعون بحصانة دولية... فكيف يمكن في هذه الحالة تقديمهم الى المحاكمة؟
هناك المادة 15 من قانون محكمة الجنايات الدولية تجيز للمدعي العام للمحكمة ان يباشر التحقيق من تلقاء نفسه وحتى دون الرجوع الى مجلس الأمن... فالمدعي العام الآن أمام امتحان كبير فإما الانتصار للعدالة وللحق وإما فإنه سيجد نفسه في وضع لا يحسد عليه حيث ان مصداقية محكمته ستتعرض الى هزّة كبيرة في حال لم يباشر التحقيق... فلماذا تحرك ازاء قضية الحريري ولماذا جنّد كل طاقته من أجل قضية دارفور وطالب باعتقال الرئيس السوداني عمر حسن البشير... مع ان ما حدث في العراق لا يقارن بما جرى في دارفور وباغتيال الحريري... وبالتالي فإن المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية بات مطالبا بأن يتحمّل مسؤولياته خاصة ان الجريمة هنا لها صفتان محلية ودولية... كما ان المحاكم العراقية يجب أن تلاحق هي أيضا المجرمين.
لكن المحاكم العراقية هي نفسها منصبة من قبل المجرمين أنفسهم... فكيف يمكن ان تقدم على مثل هذه الخطوة؟
... هذا قدرنا.. لكن هذه المحاكم اذا ما تجردت من ولاءاتها واذا ما تخلى أعضاؤها عن انتماءاتهم الطائفية فإنه بإمكانها ان تفيد وأن تساعد على ردع المجرمين ومحاسبتهم.
اعترفت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون بضلوع قوات بلادها في هذه الجرائم لكنها قالت إن محاسبة المذنبين قد تعرّض الوجود الأمريكي للخطر... قانونيا كيف يمكن التعاطي مع هذا الموقف الرسمي الامريكي وتوظيفه في مسار التحقيق ومحاكمة المجرمين؟
اعتراف كلينتون هذا بالتأكيد يفيد كثيرا في التحقيق في الوثائق فهو يعني ان واشنطن متورطة في ارتكاب جرائم... هذه معلومات يجب ان يستند اليها من سيتولى التحقيق في الوثائق لأنها تشكّل ادانة حقيقية تستوجب محاكمة الادارة الأمريكية السابقة بتهمة ارتكاب جرائم حرب خاصة أننا لم نسمع الى حد الآن ولو مسؤولا أمريكيا واحدا نفى ما جاء في وثائق ويكيليكس.
حقوقي لبناني: غيض من فيض الاحتلال... والحل في ملاحقة الأمريكان
تونس الشروق حوار: أمين بن مسعود:
أكّد الاستاذ يحيى المعلّم أمين سرّ اللجنة الوطنية للدفاع عن الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني والأمريكي أن ما كشفته وثائق «ويكيليكس» من جرائم الامريكان بحق العراقيين تمثّل جزءا صغيرا جدا من حقيقة الفظاعات المقترفة بعراق ما بعد الاحتلال، مشيرا الى ضرورة ملاحقة الغزاة والمجرمين الذين ثبت ضلوعهم في هذه العذابات.
ودعا المعلّم في حديث ل «الشروق» من العاصمة اللبنانية بيروت الى تحرّك عربي واسلامي ينسحب على كافّة المجالات والقطاعات محذّرا من مغبّة مرور «تقرير ويكيليكس» مرور الكرام.
اعتراف أمريكي
واعتبر المعلّم أن التقرير يمثل اعترافا أمريكيا رسميا باقتراف جرائم ضد الشعب العراقي مما يدعو الى بلورة «خارطة عمل كاملة» لتوظيفه في سبيل ملاحقة المجرمين.
وقال في هذا السياق: على مندوبي الصليب الاحمر في العراق التحرّك لتوثيق الجرم ومزيد اثباته ومتابعة هذا الملف وعلى الجامعة العربية ان تتحرك في مستوى الحدث والقضيّة وعلى الشعوب العربية أن تناصر الاسرى بشكل أكثر حيوية ونشاطا وعلى الجمعيات والمنظمات الانسانية تسليط الضوء على هذه القضية الانسانية المؤلمة.
وأضاف أن العنوان الرئيسي لهذه الهبّة الجماهيرية والرسمية هو محاكمة المحتل وتحميله كامل المسؤولية الأخلاقية والقانونية والسياسية عن جرائمه، لا سيما وأنه أي المحتل فتح العراق لكافة دول الجوار للعبث به وبمقدّراته.
ولفت الى ضرورة ان تتم معالجة ملف «ويكيليكس» بطريقة مسؤولة بعيدا عن الاغراض والاجندات الحزبية التي قد تفضي بها هذه المعالجة، مشيرا الى ان التطرق السياسي الضيّق لهذه القضية سيحجّمها وسينزع عنها أبعادها الوطنية والقانونية والاخلاقية،
ونبّه الى حتمية الوقوف العربي بكافة مستوياته مع قضية الاسرى في سجون الاحتلال الصهيوني والأمريكي فلا يعقل أن تقوم الدنيا ولا تقعد من أجل سجين صهيوني محتلّ في قطاع غزّة «جلعاط شاليط» وان يغضّ العالم طرفه عن أسرى هم بمئات الآلاف يقبعون في غياهب السجون بالعراق وفلسطين المحتلة خاصة أن الإدانة لم تعد تحليلا سياسيا أو تعليقا صحفيا إنما باتت موثقة ومثبتة من أفواه المحتلين أنفسهم.
ما خفي كان أعظم
وفي تقييمه لمحتوى الوثائق، اعتبر المعلّم أن التقرير لم يتطرق الى الجرائم الدنيئة التي حاقت برجال العراق ونسائه من اغتصاب وتفنّن في التنكيل بالذات البشرية. واستنادا الى شهادات وشكاوى الاسرى التي بلغت اللجنة الوطنية للدفاع عن الاسرى والمعتقلين قال يحيى المعلّم ان هناك أكثر من 400 ألف أسير في العراق من بينهم 10 آلاف طفل لم يبلغوا بعد سن الرشد ومن بينهم أيضا 10 آلاف امرأة وقع اغتصابها ومن بينهم أيضا عدد كبير اختفوا في ظروف غامضة.
وأردف أن التقرير لم يتطرق بالشكل الكافي لعذابات الاطفال في السجون على الرغم من الأهمية البالغة للموضوع.
ودعا الولايات المتحدة الى التحقيق في ما كشفته وثائق «ويكيليكس» والى تقديم كل متورط الى المحاكمة عساها تحفظ شيئا من ماء الوجه المتبقي لها.
أبرز النقاط الواردة في الوثائق المنشورة عبر «ويكيليكس» حول حرب العراق
٭ تونس «الشروق»:
نشر موقع ويكيليكس 391 ألفا و832 وثيقة حربية أعدها جنود أمريكيون إبان حرب العراق بين نوفمبر 2004 ونهاية العام 2009، في ما اعتبر «أكبر عملية تسريب لوثائق عسكرية سرية في التاريخ».
وفي ما يلي أبرز النقاط الواردة في هذه الوثائق:
ضحايا مدنيون
تتحدث الوثائق عن مقتل 109 ألاف و32 شخصا في العراق، من بينهم 66 الفا و81 مدنيا (بمن فيهم 15 الفا «لم يتم الكشف عنهم حتى اللحظة»)، 23 ألفا و984 ممن وصفوا ب«الأعداء»، 15 ألفا و196 عنصرا من القوات العراقية و3771 جنديا في قوات الاحتلال.
تعذيب
تظهر الوثائق أن الجيش الأمريكي كان على علم بحالات سوء معاملة عدة على يد القوات العراقية إلا انه غض النظر عنها.
وفي إحدى الوثائق، يؤكد معتقل انه «تعرض للضرب بواسطة سلك معدني على يد الشرطة العراقية طوال ليلتين متتاليتين». فيما قال آخر انه «تعرض للضرب في أسفل قدميه».
إلا أن ممارسة التعذيب لم تكن «محصورة» على القوات العراقية، إذ أشار مؤسس ويكيليكس الى وجود «أكثر من 300 حالة موثقة عن تعذيب مارسته قوات الاحتلال الأمريكية، ليس فقط في (سجن) أبو غريب بل في كل مكان» من العراق.
وقد سجل جيش الاحتلال الأمريكي جرائم قتل واغتصاب ارتكبتها القوات العراقية إلا أن أي تحقيق لم يفتح في الموضوع.
جرائم حرب أخرى
قتلت القوات الأمريكية المحتلة بين 600 و700 مدني عند حواجز التفتيش التي أقامتها على امتداد العراق، أو خلال إطلاق نار استهدف مدنيين.
وبحسب وثائق ويكيليكس فقد قتلت مروحية أمريكية خلال عام 2007 مسلحين اثنين كانا ينويان تسليم نفسيهما بعدما اعتبر محام للجيش، انه من غير الممكن أن يسلم احد نفسه كمعتقل أمام مروحية.
وتشير بعض الوثائق الى جرائم قتل أخرى، ارتكبتها عناصر في شركة الأمن الخاصة الأمريكية «بلاك ووتر» التي صار اسمها «اكس ايه سرفيسز»، والتي تورطت في فضائح عدة على خلفية دورها في مقتل 14 مدنيا في العراق عام 2007.
فتّش عن إيران
تعزز الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس الاتهامات الأمريكية بان ايران كانت تسلح ميليشيات شيعية في العراق وتدربها على قتل أمريكيين أو خطفهم.
وأورد تقرير أن الإيرانيين خططوا أيضا لمهاجمة المنطقة الخضراء في بغداد، حيث مقرات الوزارات العراقية الرئيسية والسفارات الغربية، بواسطة صواريخ وسيارات مصفحة مزودة بأسلحة كيميائية.
من «أدلة» بليكس.. إلى وثائق «ويكيليكس» !
٭ تونس «الشروق»:
قالت صحيفة بريطانية إن الوثائق التي كشفها موقع ويكيليكس بشأن حرب العراق عكست المدى الحقيقي لحمام الدم الذي شهده هذا البلد.
ووصفت صحيفة «ذي أندبندنت أون صنداي» الوثائق بأنها أضخم تسريب في التاريخ يكشف أضعاف ما عرف حتى الآن حول ما أثاره قرار غزو العراق عام 2003.
وذكرت الصحيفة في افتتاحيتها بمقتطفات من التحذيرات التي نشرتها في 16 فيفري 2003 أي في اليوم التالي لأكبر مسيرة شهدتها بريطانيا في تاريخها احتجاجا على حرب العراق.
واستعرضت «ذي أندبندنت أون صنداي» في هذا الصدد الفقرة التالية من تلك الافتتاحية «إن دعاية الحرب التي تشنها الحكومتان البريطانية والأمريكية اتسمت حتى الآن بالحماقة المضحكة, ومحاولات السيدين طوني بلير (رئيس الوزراء البريطاني آنذاك) وجورج بوش (الرئيس الأمريكي آنذاك) ربط العراق بتنظيم «القاعدة» ليست مقنعة, وحتى الآن لم يعثر كبير مفتشي الأسلحة الدولية هانز بليكس على أسلحة دمار شامل, وحتى لو حصل ذلك فإن ذي إندبندنت أون صنداي لن تدعم الحرب».
وأضافت أن بوش وبلير لم يستمعا لمن نصحوهما بعدم الإقدام على الزج بقوات بلديهما في الحرب على العراق, فبوش لم يكترث بالتحذيرات من احتمال نشوب صراعات طائفية في هذا البلد وانهيار نظامه المدني.
كما لم يصغ بلير لعدد من الأساتذة البريطانيين الكبار المختصين في الشؤون العراقية عندما اجتمع معهم في نوفمبر من عام 2002 بمن فيهم السير لورانس فريدمان والبروفسور جورج جوف, إذ حذروه من أن احتلال العراق سيكون صعبا في أحسن الأحوال وكارثيا في أسوئها.
ونقلت عن أحد هؤلاء الأساتذة تعليقه خلال ذلك الاجتماع «دهشت لسذاجة بلير وعجزه عن التعامل مع الأمور المعقدة».
وأكدت «ذي إندبندنت أون صنداي» في افتتاحيتها أن 400 ألف صفحة من الوثائق التي استطاع ويكيليكس أن يكشف عنها هي بمثابة لائحة اتهام في محاكم التاريخ لأسوإ قرارات في السياسة الخارجية الأمريكية, يواجه فيها بلير تهمة المساعدة والتحريض.
وتابعت: «الآن بعد أن مات كل هذا العدد الكبير من العراقيين وتعرضت كل تلك الأعداد الأخرى للمعاناة جراء هذه الحرب, ها هو التاريخ يثبت أن من ساروا ضد تلك الحرب ووقفوا ضدها وعارضوها بكل الطرق كانوا على حق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.