لا يشك الكثيرون في أن أهم وقود أو محركات الثورة الشعبية العارمة التي هزت النظام البائد في البلاد هو التشغيل وأساسا بالنسبة الى أصحاب الشهائد العليا. هذه الحقيقة تبدو غائبة لدى الكثيرين من «النجوم الجدد» الذين باركوا الثورة وراحوا وعبر عديد المنابر التلفزية، يتحدثون عن فضائلها وأهدافها ويحذرون من الالتفاف عليها أو سرقتها، متناسين أنهم بصدد سرقة أحلام الكثير من صانعيها ونعني بهم المعطلين عن العمل الذين ينتظرون نصف فرصة عمل منذ سنوات في حين أن هؤلاء المحللين يحلون لأنفسهم العمل في أكثر من موقع وبأكثر من أجر دون ان يتركوا لغيرهم موطئ قدم. فهذا محام صنع شهرته من الحديث عن الراقصات وهوامش المهرجانات أصبح منظرا للثورة ومحاورا للمسؤولين ويقبض باليسار واليمين مرة بالروب ومرة من وراء الميكروفون، وذاك صحافي في مؤسسة عمومية لم نقرأ له مقالا منذ سنوات ولم تنقطع عنه «البريمات» وأصبح محللا قارا يتحدث في كل المواضيع بكل حماس قبل أن يمر على «الكاسة» للحصول على المقابل بكل كياسة. فلماذا لا تعمل نقابة الصحفيين (في انتظار إحداث اتحادهم) على غلق باب دخول المهنة أمام الغرباء عنها تماما مثلما يفعل المحامون الذين برعوا في سياسة توحيد المداخل وإغلاقها حتى أمام زملائهم ونتذكر حملاتهم على القادمين من الجزائر وفرنسا وأصحاب المرحلة الثالثة قبل إحداث معهد المحاماة. وإذا كان المحامون هيئات وأفرادا متمسكين بحصانة مهنتهم وحمايتهم فلماذا يسمحون لبعضهم بدخول مهنة غريبة عنهم أم أن البحث عن الأضواء والحرفاء يبيح كل شيء حتى ولو كان الأمر عبارة عن «سمسرة» خفية باعتبار أن عديد المحامين والمحاميات الذين اشتهروا في التلفزيون (والحق معاهم) أصبحوا يعتمدون مبالغ هامة لمجرد الاستشارة. ثم ألا يخجل الصحفيون (وأكثرهم من المناضلين) الذين يعملون في قنوات تلفزية جامعين بين وظيفتين ومرتبين من حرمان زملائهم الشبان والجدد من فرصة عمل وبالتالي إطالة بطالتهم ثم يتحدثون عن ضرورة تشغيل أصحاب الشهائد العليا ويدافعون عن ذلك دفاعا مستميتا وبكاشي سمين، إن لم تستح فافعل ما شئت لكن الثورة وصانعيها على علم بكم فارحلوا قبل ان يتم خلعكم.