قال مسؤولون مصريون وعرب وغربيون تعاملوا مع الرئيس المصري حسني مبارك إن مشاعره طوال الأسبوع المنصرم ظلت تتأرجح بين الغضب والإحساس بالخيانة وعدم المبالاة. وقد ظل مبارك بما عُرِف عنه من نزعة مفرطة إلى المحافظة التي تضع الاستقرار فوق كل قيمة أخرى يتعامل مع الدعوات المطالبة له بالاستقالة بطريقته المعتادة التي تنفر من التغيير. وتقول صحيفة «نيويورك تايمز» في تحليلها لشخصية الرئيس المصري، إن النفور المتأصل في نفسه من التغيير، والاعتداد الجارف بالنفس واليقين المطلق لديه بأنه الوحيد القادر على ضمان الاستقرار لبلده، سمات تحتل الآن موقعا مركزيا في الأزمة المصرية. وما يدفع فريق الأمن القومي لإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الى إعادة تقييم إستراتيجيته في التعامل مع مبارك هو ما إذا كان الرئيس المصري سيتنازل عن السلطة طواعية ووفق أي جدول زمني. ولا يبدو المحتجون ولا المسؤولون الأمريكيون والغربيون على يقين إلى أي مدى لا يزال مبارك يسيطر على مقاليد الأمور. وتدور تكهنات في واشنطن والقاهرة أن عمر سليمان الذي نصبه الرئيس المصري نائبا له قبل ثمانية أيام هو القابض على زمام السلطة. ومنذ المكالمة الهاتفية «المتوترة» التي استغرقت نصف ساعة بين أوباما ومبارك يوم الثلاثاء الماضي والتي انتهت إلى رفض الأخير للمقترحات الأمريكية بالتخلي عن السلطة، فإن أغلب المفاوضات التي أجرتها إدارة أوباما كانت مع سليمان. ووصف أشخاص عملوا مع مبارك الرجل بأنه غالبا ما يرفض قبول فكرة تُطرح له للوهلة الأولى، ولكن ما إن يمضي أسبوع عليها حتى يتبناها وكأنه صاحبها. ومضت الصحيفة إلى الزعم بقدرة مبارك على تحويل ميله لتفادي المخاطر إلى مَنَْقبة، ومن ثم الإيحاء ببراعته في تجنب الانجرار إلى اتخاذ قرارات «متهورة»، حسب تعبيرها. ففي عام 1970 عندما كان قائدا للقوة الجوية اشتُهر مبارك بمقاومته ضغوطا مكثفة من الاتحاد السوفياتي آنذاك لاختبار الدفاعات الجوية لإسرائيل بالتحليق في طلعات جوية فوق شبه جزيرة سيناء. فما كان من السوفيات إلا أن قاموا بتلك المهمة بأنفسهم، وفي جويلية من ذلك العام تمكن الجيش الإسرائيلي من إسقاط خمس طائرات سوفياتية من طراز «ميغ 21». ونقلت الصحيفة عن بروس ريدل الذي عمل محللا للشؤون المصرية بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية تعليقه على تلك الواقعة بالقول إنها دلالة على أن مبارك يستمد انتصاراته ليس من فعل الأشياء بل من تحاشي القيام بها.