بإعلان التشكيلة الكاملة للحكومة الانتقالية يفترض أن تتكاتف كل الجهود الخيّرة وكل النوايا الصادقة من أجل بداية صفحة جديدة مشرقة من تاريخ تونسالجديدة. فلقد مضى زمن هام بما فيه من تضحيات وبما فيه من جدل بناء ومن حرص على حماية الثورة والتأسيس لتجربة ديمقراطية متطورة أساسها ومنتهاها المواطن التونسي وكل حقوقه في الحرية والديمقراطية وصياغة مستقبل البلاد على قواعد صلبة.. كما مضى زمن أيضا بما فيه من انفلات أمني ومن اضرابات واعتصامات أصابت اقتصاد البلاد بالشلل التام تقريبا وخلقت مزاجا شعبيا تتجاذبه مشاعر الحرية بما فيها من انطلاق ومشاعر الاحباط نتيجة الانفلاتات المتكررة وغير المفهومة أحيانا مع ما تلقي به من ظلال على السلوكات والممارسات اليومية للمواطن التونسي.. الذي بدأ في أحيان كثيرة يخلط بين الحرية البناءة وحرية الفوضى والانفلات والتمرّد على كل شيء. والآن، فإن كل تونسي يحب هذا الوطن ويؤمن بهذه الثورة وبضرورة نجاحها حتى لا تذهب دماء الأبرياء وتضحياتهم سدى مطالب بالانصراف إلى العمل الجاد حماية للثورة وتجسيدا للمبادئ التي رفعتها وللآمال والطموحات التي أنعشتها.. وكلها مبادئ نبيلة وآمال وطموحات مشروعة.. فحسب ما صرّح به الوزير الأول المعيّن قبل أيام من أن نسبة نمو اقتصادنا تحوم هذه الفترة حول الصفر، فإن معنى ذلك أننا نقف على عتبات كارثة اقتصادية مدوية سوف تعصف لا قدر اللّه بكل شيء، وقد تزج بالبلاد في مرّبعي التبعية للخارج والدكتاتورية، ولا نعتقد أن مواطنا تونسيا واحدا يرضى لبلادنا هذا المصير. نعم نحمي الثورة باليقظة وبصونها من كل محاولات الالتفاف عليها.. ولكننا نحمي الثورة أيضا بالعمل وبالتفاني في العمل لإعادة عملية دوران الاقتصاد إلى طبيعتها والرفع في قدرات اقتصادنا على خلق مئات الآلاف من مواطن الشغل استجابة لحق أبنائنا في العمل وفي سبل العيش الكريم.