تعقيبا على الرد الذي أفادنا به السيد عدنان بلحاج عمر الرئيس المدير العام للشركة التونسية لمواد التزييت ردّا على مقالي الصادر ب«الشروق» يوم 11 مارس أود أن أوضح جملة المعطيات التالية: إن التجاء المعني بالأمر الى استعمال عبارات تتضمن من الثلب ما تتضمنه على غرار قوله حرفيا «إذا فقد قوم أخلاقهم جاز أن يقام عليهم مأتما وعويلا» تضع المعنى بالأمر تحت طائلة القانون وتكشف حجم التشنّج الذي دفعه الى الخروج عن آداب وأخلاقيات التخاطب ومع ذلك فإنه لن يفرح بتقديمي قضية ضدّه في هذا الشأن رغم وضوح الجرم بالثلب زيادة في تهميش «تعقيبه» الذي لا يستحق أكثر من هذه الأسطر. هذا من الزاوية القانونية أما من الزاوية الشكلية فإن هذه العبارة تضمنت أخطاء لغوية فادحة فنراه ينصب نائب الفاعل عند قوله «مأتما وعويلا» والحال أنهما مسبوقان بفعل مبني للمجهول «يُقامَ» والصواب هو «مأتم وعويل» وما كنّا لنركّز منذ البداية على هذه اللخبطة والفقر اللغوي لو لم يستعمل الرجل في إطاره «تقعّره» في اللغة (وهذه عربية قحّة) قوله «ولن الزمخشرية» وكأنه ليقول لنا إنه أحد جهابذة اللغة! هكذا.. وسنمرّ دون تعليق. أما قوله بأنني اتهمته في المقال المذكور بهتك أعراض الموظفين والقيام بتجاوزات خطيرة فهو أمر مضحك مرة أخرى لأن كل ما ورد بالمقال هو تلخيص لمراسلة النقابة ولجنة التسيير والمتابعة الموجهة لسلطة الاشراف بمعنى أننا لسنا سوى ناقلين للخبر (والعريضة والمراسلة بحوزتنا). والغريب أن المعني بالأمر لا يزال يدّعي أن النقابة راضية عن أدائه.. لعلّنا نحن من أمضى على العريضة والمراسلة، أو لعلنا نحن من حرّض العمال على منعك من الدخول الى مكتبك الأسبوع المنقضي في البحيرة؟ نحن لسنا سوى ناقلين للخبر كما ترى ومع ذلك نحن ندرك أنك وبعض من أمثالك تعوّدتم على نمط إعلامي قائم على التمجيد والاطراء وتزييف الحقائق لذلك انزعجتم وخرجتم عن آداب التواصل لمجرّد نقلنا خبرا مؤكدا وصحيحا. هكذا ورغم ما حصل تقولون إن النقابة راضية عن أدائكم ولست أدري وأنا أقرأ رأيك هذا لماذا يحضرني آخر تصريح للقذافي يقول فيه بلغة أنقليزية ركيكة «إن شعبه يحبّه» والحال أن العالم يعرف أن وراء الأكمة ما وراءها، إنه الاستعمال الأسوأ للغة الخشبية والتضليل، ولم يبق لمدير الشركة إلا أن يقول لنا انسوا العرائض والمراسلات الموجهة للوزارة والاحتجاجات وتأكدوا أن الجميع يحبني «my people love me» كما قالها العقيد سابقا. وفي خصوص قوله إن الشركة حققت انجازات كبرى في فترة اشرافه عليها فنحن على يقين أن اطارات المؤسسة وعمالها هم على قدر كبير من الكفاءة التي تجعل مؤسستهم تتبوّأ مكانة مرموقة في النسيج الاقتصادي ولا ندري لماذا ينسب ذلك لنفسه ولم يبد ولو إشارة واحدة الى جهد هؤلاء ليبخسهم مرة أخرى عرقهم وجهدهم، وعموما نحن نظن أن الاشارة الى نجاح الشركة جاءت لعدم الردّ على الموضوع الأصلي الذي أشارت إليه النقابة والممضون على العريضة وكأن هذا يبرّر ذاك، أي منطق وأي مقاربة هذه لتوضيح ما يحدث في «Sotulub». هذه النقيصة وعدم الدراية بعلوم الاتصال جعلت الرجل مرة أخرى «يدوّس بجانب الدراجة» فيدّعي «أن من يحاول الاساءة (له) قام بذلك بعد مساهمته في حوار سياسي ساخن..» يا للورع ويا لوجاهة الاستنتاجات ما هذا الخلط الذي أظن أنه يجب أن تسأل عنه داخل الوزارة ما دخل شركة مواد التزييت بالسياسة ووظيفتك داخلها بما أسميته «تحالف البيروقراطيين الاداريين والبيروقراطيين السياسيين ضدّك» من هم هؤلاء؟ وهل أنت فعلا تعمل ضمن أجندا سياسية حتى يعاديك الجماعة.. ها اننا نكتشف من أقوالك أن هناك لعبة سياسية أنت منخرط فيها بشكل أو بآخر وهو أمر كنّا نجهله حقا وعموما نحن نظن أن «Sotulub» يجب أن تظل بعيدة عن هذه «الألعاب» لأنها مؤسسة وطنية مرموقة لا تحتمل هكذا قيادة ولا يجب أن يقع الزجّ بها في صراع سلطوي. وعموما أؤكد لك أنني لم أشاهد البرنامج الذي تحدّثت عنه ولا خلفية لي عما ذكرته وانني لم أفعل سوى تلخيص محتويات عريضة ومراسلة النقابة ضدّك، أما ما ذكرته فهو خطير على مستقبل الشركة لكل ذلك ندعوك الى الابتعاد عن التحليل التآمري للوقائع والتعامل بأكثر احترافية مع الصحافي في علم الاتصال وفي السياسة أيضا أسوة بوالدك السيد محمد بلحاج عمر الذي يكنّ له الاعلاميون والطبقة السياسية كل الاحترام والتقدير وقد كان لي شرف إجراء أول حوار صحفي معه بعد اعلان ترشحه للانتخابات الرئاسية، ولا أملك بعد ذلك سوى أن أضرب كفّا بكفّ. أختم فقط بالتأكيد على أن الحكمة التي أوردتها في آخر مقالك من أن «البطّ الأهلي لا يدرك حقيقة مأساته إلا عندما يرى البطّ البرّي طائرا» هي حكمة مسقطة ولا معنى لها في سياق حديثك اللهمّ إذا قصدت أن الآخرين يحسدونك على «طيرانك» فحتى هذه ليست في صالحك خصوصا خلال هذه الأيام التي يتطاير فيها المسؤولون كأوراق الخريف، ولأنه ليس دورنا كإعلاميين أن نرصد البطّ الطائر فإننا ندعوك الى الالتفات الى عملك والى الملفات المطروحة داخل الشركة والتي نتركها لأطرها القانونية والداخلية ولو الى حين على الأقل.