بدأت جماعة إسرائيل بشن حملة على وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية متهمة مسؤولين فيها بأنهم وراء حملة التحقيقات في فضيحة التجسس الإسرائيلية بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) التي يجريها مكتب التحقيقات الفدرالي (إف بي آي)، فيما استبعدت مصادر أمريكية مطلعة أن تسفر هذه التحقيقات إلى إثبات تورط مسؤولين يهود أمريكيين كبار في البنتاغون في فضيحة تسليم المسؤول في قسم الشرق الأوسط وجنوب آسيا لورانس فرانكلين معلومات سرية حول خطط البيت الأبيض لزعزعة استقرار نظام الحكم في إيران إلى إسرائيل عبر منظمة اللوبي اليهودي الإسرائيلي المعروفة باسم «إيباك». وعزت هذه المصادر هذا الرأي إلى أن الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل لا تزال تقدم الحماية لهذه المجموعة التي تنتمي إلى تيار المحافظين الجدد الذين روجوا للحرب على العراق واحتلاله. وقال الخبير في شؤون العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية وقضايا التجسس الإسرائيلية في الولاياتالمتحدة، ستيفين غرين، أن رجال مكتب التحقيقات الفدرالي أجروا مقابلات معه بشأن العديد من رموز المحافظين الجدد البارزين بمن فيهم نائب وزير الدفاع بول وولفويتز ووكيل الوزارة للشؤون السياسية دوغلاس فيث والرئيس السابق لمجلس سياسة الدفاع ريتشارد بيرل ومستشاره ستيفن بريين والباحثين في معهد أميركان انتربرايز اليميني مايكل ليدين ومايكل روبين. مصدر المشاكل ويقول مسؤولون أمريكيون سابقون موالون لإسرائيل إن مناهضين لإسرائيل في بعض مواقع الحكومة الأمريكية «ممن ينظرون لها ليس كحليف بل كمصدر لكل المشاكل في المنطقة» هم وراء إثارة فضيحة التجسس. وزعم الكاتب السابق لخطابات الرئيس جورج بوش ديفيد فروم (يهودي أمريكي مهاجر من كندا) أن المحققين لم يجدوا شيئا خطيرا وأنهم أصبحوا على وشك إسقاط القضية. وفروم هو واحد من المحافظين الجدد الذين ينتقدون الرئيس بوش لعدم تحركه بشأن فضيحة التجسس، حيث قاموا بتعميم مذكرة على جماعتهم من محللي السياسة الخارجية في واشنطن تنتقد البيت الأبيض لفشله في وقف ما يصفونه «حملة مناهضة للسامية» تقودها وزارة الخارجية الأمريكية ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) لتهميشهم. وتنتقد المذكرة التي كتبها مايكل روبين، البيت الأبيض، لعدم دحضه تقارير صحفية حول تحقيقات الإف بي آي مع فرانكلين والتي كما تقول المذكرة «تشير إلى أعمال شريرة من جانب مسؤولين يهود في وزارة الدفاع». ويذكر أن روبين الذي كان إلى وقت قريب مستشارا لسلطة الاحتلال الأمريكي في العراق كان سبق أن عمل في مكتب الخطط الخاصة بإشراف فيث لفبركة معلومات استخبارية مضللة لتبرير الحرب على العراق. صمت... وتساؤلات وذكرت المذكرة أنه «إذا كان هناك أي حقيقة لأي اتهامات فلماذا لا يطلب البيت الأبيض إظهار الدليل علنا»، زاعمة «أن هناك مضايقة متزايدة مناهضة للسامية.» وقال روبين في المذكرة «إنني أشعر أنني في باريس وليس في واشنطن» وأضاف «إنني مصاب بخيبة أمل للافتقار إلى العامة التي تدع الأمور تصل إلى ما وصلت إليه، والتي تسمح للبيروقراطيين تحديدا بأن يخرجوا عن نطاق السيطرة.» ويعتقد مطلعون في واشنطن أن صمت البيت الأبيض رغم علم مستشارة الأمن القومي كوندوليسا رايس ونائبها ستيفن هادلي بالموضوع، يعكس وجهة نظر متنامية داخل الحكومة الأمريكية بأن المحافظين الجدد يمثلون عبئا سياسيا متناميا في ضوء الفوضى المستمرة في العراق بسبب الحرب الأمريكية التي أشعلها المحافظون الجدد. وفي الوقت الذي يشارك فيه بوش ومستشاروه المقربون علنا اعتقاد المحافظين الجدد بأن الحرب كانت ضرورية للإطاحة بنظام حكم الرئيس العراقي صدام حسين، إلا أن الجانبين اختلفا في السبل التي يتوجب انتهاجها في التعامل مع إيران. حيث يدعو المحافظون الجدد البيت الأبيض إلى ضرورة تغيير النظام في طهران حتى بالقوة المسلحة، فيما ذكرت حكومة بوش بصورة متزايدة بأنه ليس لديها خطط لاتخاذ مثل هذه الخطوات بالقوة ضد إيران. ويعزو خبراء الجدل الأخير المحيط بتحقيقات الإف بي آي في جزء منها إلى المخاوف المتجددة في بعض دوائر المخابرات والأمن الأمريكية بأن العلاقات الوثيقة لواشنطن مع إسرائيل تضر بمصالح الأمن القومي الأمريكي.