بعد أن غسلنا أيادينا على السياحة غسيلا تعدي الجلد واللحم والشحم والأعصاب ووصل إلى حد العظم ومددناها نظيفة من وسخ الدنيا ونحن نصلي صلاة الجنازة على السياحة الفقيدة ونقدم أحر التعازي إلى أهلها وذويها الذين بلغ عددهم المليون من التونسيين الذي كانت تعيلهم المرحومة ويقتاتون مما ملكت يداها، بعد كل هذا هاهي أصوات النائمين في السمن الغنمي والعسل البيولوجي بدأت ترتفع منادية بتشجيع السياحة الداخلية وكأني بهم لا يعرفون أن الشعب الكريم لا يستحق هذا الدعم باعتباره قد أصبح سائحا على وجه الأرض هائما مهموما ومقيما في حيرة من صنف خمسة نجوم يركب صهوة حمار الصبر حتى إذا قيل له «وخر وخر» قال «ظهر البهيم وفى» وهو القول الذي استشهد به السيد الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة المؤقتة أمام نخبة القوم وسادتهم في أكثر من مناسبة وأعلن بصفة رسمية أن «ظهر البهيم وفى «فعلا» ولم يعد يتحمل أكثر من الراكبين عليه، وعما هو في «الزنبيل» أيضا. ماذا أقول لسي الباجي؟ هل أقول له «اكر من يسمعك» ولكن إذا اكترى الرجل فعلا من يسمعه ولو مؤقتا، هلا يعتصم السامع المؤقت مطالبا بترسيمه وتحسين وضعيته وترقيته إلى رتبة «وذايني» دائم حتى وإن كان الأمر لا يتعدى دائرة «اسمع وفلت» وما العيب في ذلك ما دامت الأحزاب على كثرتها تكتري من يسمعها وتعده بجنة وفيها «بريكاجي» و«بنكاجي» ياسي الباجي؟ أليس ذلك هو وعد الأحزاب للسامعين حيثما حلت خاصة في الجهات الداخلية المحرومة أين نشطت هذه الأحزاب سياحتها الداخلية بالعملة السهلة من باب يجود الخيرون علينا بمالهم ونحن بمال الخيرين «نسيح» في مناطق الظل والذل والكل يوزع «ألبومات» الأغاني الثورية عن الحرية والعدالة والتنمية والديمقراطية والوضوح والشفافية من تأليفه وتلحينه وتوزيعه وأدائه في نغمه سماعي كاركردي وهو يراهن على قول بشار بن برد الأعمى« والأذن تعشق قبل العين أحيانا» وهو لا يدري أن كل ذي بصر وبصيرة وكل مبصر هو اليوم سائح هائم حائر ولا عزاء له إلا في ترديده لما قاله العرب القدامى«إن دام هذا الحال يا مسعود فلا جمل يبقى ولا قعود».