الاحتفالية التي نظمها نادي الجزيرة الإماراتي في الأيام الأخيرة بمناسبة إحرازه الثنائي المحلي لأول مرة في حياته الكروية كانت تاريخية بكل المقاييس لعل أبرزها حضور أربعة من أبرز نجوم الفن وهم حسين الجسمي وعيضة المنهالي وهيفاء وهبي والأمريكي «تيمبر لاند». ما يهمنا أكثر أن نادي الجزيرة يدربه البرازيلي الشهير براغا ويساعده التونسي الدكتور نورالدين بوفالغة الذي استضفناه مرة أخرى بعد نجاحه التصاعدي المتواصل حيثما وضع قدميه... وكان «السؤال الأهم» هل رقصت مع هيفاء؟ وهنا يجيب بوفالغة وقد فهم الجانب الطريف من هذا السؤال وقال: «والله لم أرقص معها رغم أنها أشعلت المستطيل الأخضر وتسابق الجميع للاقتراب منها وأخذ صور تذكارية معها وهو ما نجحت فيه ابنتي «نادين» (7 سنوات).» بعدها سألنا الدكتور نورالدين بوفالغة عن سرّ هذه الاحتفالية الرهيبة فأكد أنه إضافة إلى فرحة القبض على ثنائي كأس رئيس الدولة وبطولة الدوري العام فإن الفريق يحصل لأول مرة على لقب البطولة بما مثّل حدثا تاريخيا لدى الإدارة والجمهور وهو ما جعل الشيخ هزاع بن زايد رئيس مجلس أبو ظبي الرياضي يثني على هذا الإنجاز ويثني على الكفأة التونسية في شخص بوفالغة معتبرا أن تتويج أي مدرب عربي هو بمثابة تتويج لأي مدرب إماراتي... قادمون إلى تونس يؤكد الدكتور بوفالغة أن فريقه «الجزيرة الإماراتي» حجز في مركب عين دراهم لإجراء تربص هنا في تونس وأن الجميع ينتظرون فقط قرار المدرب الأول «براغا» سواء بالبقاء أو الرحيل لتحديد وجهة التربص... أما عن نفسه فيقول بوفالغة: «أنا أعمل مع نادي الجزيرة في شكل إعارة من إدارة المنتخبات وهذا موسمي الثالث معهم وفي صورة بقاء براغا سأبقى وفي صورة رحيله سأعود إلى لجنة المنتخبات التي يربطني معها عقد لمدة خمس سنوات... ولعلمكم فإن المدرب براغا يريد العودة إلى البرازيل رغم العروض المغرية... وفي صورة إصراره على موقفه سيكون البديل أرجنتينيا وبالتحديد «سابيلا». خطوات إلى الوراء الدكتور نورالدين بوفالغة ما فتئ يخلف النجاح حيثما وضع ساقيه بما جعلنا نسأله عن «سرّ» هروبه من تونس خاصة أنه ترك أجمل الانطباعات فقال: «عملت في الترجي وكذلك في مركز تكوين الرياضيين لفائدة النخبة عندما نجحنا في تخريج دفعة ممتازة من اللاعبين مثل الحارس البلبولي وكريم حقي وحسان الحاج علي والتواتي والمولهي وغيرهم كثير كما كنت «كشّافا» للمواهب في خلية متابعة الرياضيين خارج الحدود واكتشفنا حاتم بن عرفة وسليم بن عاشور وعلاء الدين يحيى وشوقي بن سعادة وسامي القطاري وغيرهم، لكننا اليوم نسير إلى الوراء جراء سياسة كروية غير واضحة المعالم». ما جدوى المقارنة؟ أكّدنا لمحدثنا أن بعض اللاعبين سواء من الذين اكتشفهم أو غيرهم خارج الحدود أظهروا تقاعسا واضحا أكثر من مرة وكأن الرابط الذي يربطهم بهذا الوطن غير قوي حتى لا نقول ضعيفا من الناحية المعنوية وهنا أكد بوفالغة بأن طرح هذا الموضوع خاطئ من أساسه لأنه لا فائدة أصلا في الخوض فيه مضيفا «تونس في حاجة إلى جميع أبنائها والمقارنة بين المحليين والناشطين خارج الحدود ظالمة... فهؤلاء وهؤلاء توانسة في نهاية المطاف ثم سأقول لك شيئا أتحمل فيه مسؤوليتي فلا غنى عن الناشطين خارج الحدود مهما كان الثمن واختيارات المدرب الوطني الحالي سامي الطرابلسي خاطئة في هذا الشأن بعد أن مال بشكل فاضح للاعب المحلي وأنا أقول من خلال «الشروق» أن التونسي الناشط خارج الحدود تكوينه أفضل بكثير من اللاعب المحلي وهي نقطة مهمة على الجميع الاقتناع بها أحببنا أم كرهنا وهي فرصة لنذكّر بأن هذه النقطة مع غيرها من الأسباب التي جعلتنا نتخلف عن الركب على مستوى منتخبات الشبان إضافة إلى أننا نعيّن المدربين ب«الأكتاف» والمحاباة وغيرها من الأمور البعيدة عن كل منطق وكل مصلحة وطنية وهنا لا بد أن أؤكد لكم أنه في أوروبا مثلا لا يتم تعيين أي مدرب وطني على رأس أي منتخب من أي صنف إلا إذا أثبت قيمته عبر النتائج مع الأندية التي أشرف عليها، أما هنا فحدث ولا حرج والكل يدّعي الشفافية والوطنية». حكايتي مع «الرئيس» للدكتور بوفالغة حكاية طريفة مع رئيس الجمهورية (أرفض كلمة المؤقت) السيد فؤاد المبزع فعندما كان تلميذا تم تكريمه كأفضل رياضي في الولاية وهو ما جعله يلاقي وزير الرياضة انذاك (الرئيس الحالي للجمهورية) فقال له بالحرف الواحد «فتحنا المعهد الأعلى للرياضة لأمثالك فمكانك الطبيعي هنا» وهي جملة أخفاها بوفالغة في صدره وانقض على أول اختبار للانتماء إلى هذا المعهد ونال مراده بامتياز (المرتبة الثانية) قبل أن يشد الرحال إلى فرنسا ليعرف المعاناة بجميع أصنافها لكنه صمد وجاهد لينال مبتغاه ويتحدى أضواء وإغراءات عاصمة النور ويعود إلى تونس بنفس الحقيبة التي خرج بها لكن بداخلها «دكتوراه» فتحت له المجال فسيحا ليهندس مستقبله داخل وخارج تونس وها هو يشق طريقه بثبات الكبار..