في الوقت الذي تستقطب فيه أعتى وأقوى المنتخبات العَالمية المواهب الكروية من كلّ الجنسيات والمُعتقدات والألوان كما هو شأن فرنسا وبلجيكا وأنقلترا وألمانيا مَازلنا في تونس نُناقش «قضيّة» أكل الدّهر عليها وشرب وهي انتقال اللاعبين بين «القُوى التقليدية» التي تنشط في بلد واحد وتَتنفّس الهواء نفسه والكلام عن «السي. آس. آس» والنّجم والترجي والإفريقي. ومازالت عدّة أطراف تَبْني أسوارا وَهمية بين «البيغ فور» وتَتحفّظ بشدّة على كلّ من يَنتقل بين باب الجبلي وبوجعفر و»باب سويقة» و»باب الجديد» بحجّة الوفاء ل»مَريول» الجمعية والوَلاء للجهة «الفلانية» ومن تُسوّل له نفسه تقمّص أزياء اثنين من «الكبار» أوأكثر فإن مَصيره «التَخوين» وهو أمر يَتعارض تماما مع القيم الأصلية للكرة المَبنية على الانفتاح على الآخر والرافضة للإنغلاق على الذات وهي الحقيقة التي اكتشفتها وتبنّتها تِباعا جلّ المنتخبات والجمعيات أبرزها «أتليتك بيلباو» الذي استغنى أهله بصفة تدريجية عن السياسات المُتعصّبة لأبناء «الإقليم» و»أولاد الجمعية» كما يحلو للجماهير التونسية التي تدرك في قرارة نفسها أن «المَنظومة الاحترافية» تُتيح ل»الكَوارجية» العمل حيث يَشاؤون والمهمّ أن يقدّروا «المَريول» الذي يدافعون عنه حَقّ قدره وأن يكون الأداء هو المعيار الوحيد بين اللاعب المُتكوّن صلب الجمعية وزميله القادم من جهات وجمعيات أخرى أجنبية أوتونسية. ونظنّ أن دفاع كريم العواضي مثلا عن ألوان الأندية الأربعة «الكبيرة» في بلادنا هو دليل قاطع وبرهان ساطع على أن الحواجز بين «الرُباعي التقليدي» من صنع الخيال ولا توجد إلاّ في أذهان الغَارقين في التعصّب الأعمى الذي اكتوت به عدة أقدام لم ترتكب ذنبا سوى أنها كسرت القيود واختارت التنقّل بحرية والعمل ب»احترافية» بين صفاقس وسوسة و»باب سويقة» و»باب الجديد» كما حصل مع نبيل معلول وإسكندر السويح وعماد بن يونس ومجدي التراوي وخالد المولهي وياسين الخنيسي وأخيرا وليس آخرا أيمن المثلوثي العائد من بوجعفر إلى حديقة القبايلي عبر السعودية. وبغضّ النّظر عن الجوانب الفنية والمالية لهذه الصّفقة نؤكد بصفة علانية أن أبواب الجمعيات التونسية من شمال البلاد إلى جنوبها مفتوحة ل «البلبولي» ولكلّ «الكَوارجية» مهما كانت أنديتهم الأصلية والجهات التي ينحدرون منها و»اللّهجات» التي يَنطقون بها. ومن حق أيّ لاعب تونسي العمل في صفوف «الكبار» و»الصغار» دون قيود ومن حقّه أن «يَحترف» مع أيّة جمعية أجنبية ولو كانت في الهند ولن نضع أمامه علامة قف إلاّ في حالة واحدة: عندما تُسوّل له نفسه اللّعب في «الكيان الملعون» ولو كان ذلك بصفة افتراضية عبر الكاميرا الخفية «شَالوم».