إلى تاريخ غير بعيد، كان امتلاك التونسي لدفتر ادخار أمرا عاديا وفي ظل تدهور قدرته الشرائية لم يعد فقط يلجأ إلى التداين بل وكذلك الى رهن ممتلكاته. تونس الشروق: استقر ادخار الأفراد والعائلات إلى حدود سنة الفين وعشرة دائما بين أربعين وستين بالمائة من إجمالي الادخار الوطني لتنزل هذه النسبة في سنة الفين وسبعة عشرة إلى النصف إذ تمثل نسبة ادخار الأفراد والعائلات اليوم ربع الادخار الوطني. في ذات الوقت، تراجعت نسبة المدخرين من المنتمين إلى الطبقة الوسطى والاجراء كذلك إلى النصف فهم لا يمثلون اليوم الا عشرة بالمائة من إجمالي المدخرين في تونس. وعادة ما يلجأ التونسي للادخار اما لامتلاك منزل أو لمجابهة مصاريف طارئة وكذلك لتمويل بعض المشاريع العائلية كدراسة الأبناء أو شراء سيارة وحتى الزواج والحج والعطل والسفر. والحقيقة ان هذا الواقع تغير اليوم في ظل الأزمة الاقتصادية التي انعكست سلبا على حياة المواطنين واثرت في ميزانيتهم وفي مقدرتهم الشرائية. لذلك بات التونسي مجبرا لا فقط على التداين بل وكذلك على رهن ممتلكاته كمصوغ الزوجة والام والاخت. من «البنكاجي» إلى القابض لم يعد التونسي يجد إحراجا في الإفصاح عن وضعيته المالية بالقول انه في «الروج» أي أنه مدين للبنك بأكثر مما يسمح به مرتبه الشهري. وربما قد يصل هذا «الروج» إلى إضعاف أجره ما يضطر بعض البنوك إلى الامتناع عن مواصلة اقراضه. ويعود هذا الوضع إلى تآكل الطبقة الوسطى في تونس اذ أن هذه الشريحة باتت لا تمثل سوى 67 بالمائة من السكان كما تدهورت القدرة الشرائية للمستهلك التونسي بنسبة 40 % وفق بحث انجزته جامعة تونس. ويفسر هذا التدني للقدرة الشرائية بشكل واسع بارتفاع نسبة التضخم الحقيقي الذي بلغ 4.3 بالمائة، وفق إحصائيات المعهد الوطني للاحصاء. وفي ظل هكذا واقع، لم يعد بإمكان التونسيين من المنتمين إلى الطبقة الوسطى ادخار جزء من مداخيلهم بل أن مدخري الأمس أصبحوا متدايني اليوم وفي تصريح سابق له لجريدة الشروق، أكّد الاستاذ الجامعي والمختص في الاقتصاد وادارة الاعمال وجدي بن رجب «ارتفاع حجم التداين الاسري إلى 17.6 مليار دينار حيث أن 60 بالمائة منها موجهة الى الاستهلاك العائلي بما في ذلك الفواتير والاكل والصحة ودراسة الابناء. وأضاف ان «المستهلك التّونسي يخسر سنويّا 10 بالمائة من قدرته الشّرائيّة، منذ سنة 2011 وهو ما جعله يخسر 50 بالمائة من قدرته الشّرائيّة ولتغطية العجز يضطرّ المستهلك التّونسي إلى التّداين من البنوك حتى بلغ حجم تداين الافراد 25 بالمائة من الناتج الداخلي. الرهن عادة ما يلجأ التونسي إلى الرهن في حالات معينة بل وان هذا الإجراء كان مقتصرا على الأثرياء والفقراء فقط ولا يشمل الإجراء الأثرياء يرهنون جزءا من ممتلكاتهم للحصول على قروض بنكية تسمح بتمويل المشاريع اما الفقراء ولاستحالة حصولهم على قروض بنكية فيضطرون لرهن قطع مصوغ عادة لا يتجاوز ثمنها بضع مئات الدنانير. حتى ان قرار وزير المالية بتاريخ 18 جويلية 1983 المتعلق بضبط شروط وإجراءات إسناد القروض الموثقة برهن حدد سقف هذه الرهنيات بثلاثة مائة دينار. ولا تتوفر ارقام تتعلق بحجم وكميات المصوغ المودع لدى القباضات المالية. لكن الأمر المؤكد هو ان غالبية المواطنين الذين يرهنون ذهبهم يعجزون عن استرجاعه بعد انتهاء آجال الرهن. أرقام ودلالات 17 مليار دينار حجم التداين العائلي 300 دينار سقف رهن المصوغ 40 % نسبة تدهور الطاقة الشرائية