دعا الفنان أحمد الشايبي إلى ضرورة إصلاح المنظومة الثقافية حتى يستقيم الذوق العام ويتمكن الموسيقي التونسي من استرجاع مكانته الطبيعية موضحا أن المنظومة الثقافية هي منظومة كاملة تشمل عديد المجالات بما فيها الاعلام والتربية. «الشروق» مكتب الساحل: وقال أحمد الشابي وهو عازف ودكتور في مجال الموسيقى في حوار خاص مع «الشروق» إنّ على العازف أن لا يكتفي بدور المشاركة في فرق موسيقية. بل عليه أيضا التفكير في نحت مسيرة فنية كعازف على غرار كبار العازفين في العالم. وثمّن الشايبي المستوى الفني للعازفين وللمطربين التونسيين وخاصة هالة المالكي التي صاحبها في جولتها بالمهرجانات التونسية للصائفة الماضية. ووصف صوتها بالنادر. كما تعرض إلى واقع العازف في تونس إلى جانب رؤى وتوجهات فنية أخرى تكتشفونها في التفاصيل التالية: - كنت قائد الفرقة التي صاحبت المطربة هالة المالكي في جولتها بالمهرجانات التونسية كيف تقيّم الاختيارات الموسيقية في كل حفل؟ هي باقة من الأغاني التي أحبّها متابعو هالة خلال مشاركتها في برنامج «ذي فويس». وحاولنا من حفل إلى آخر تلبية أكثر عدد ممكن من الأذواق من خلال إدراج عدة نوعيات موسيقية من الشرقي إلى الغربي إلى التونسي إلى أغانيها الخاصة. - كيف تصنّف هالة المالكي في المشهد الموسيقي التونسي؟ لنا مشكل في تونس على مستوى التقييم في حد ذاته ومشكل على مستوى الذوق والمستمع بحكم التأثيرات التي يتعرض إليها من خلال ما يسمعه والتي توجه اختياراته في اتجاه أغان دون المستوى، فلا أستطيع أن أقارن هالة بالموجود. فهي قيمة ثابتة من قبل أن تذهب إلى برنامج «ذي فويس»، وهي من الأصوات النادرة التي لا توجد بكثرة وفنيا اكتسبت الخبرة اللازمة التي تجعلها تصعد على أي مسرح في العالم. - كيف تقيّم وضعية العازف في تونس فهل مازال يعيش في ظل المطرب؟ في السنوات الأخيرة بدأنا نتجاوز هذه الوضعية وبرزت مهرجانات وتظاهرات خاصة بالعازفين. وأصبحت لدينا ثقافة الاستماع إلى العازف. وهذا من شأنه أن يُحفّز العازفين الشبان بأن يؤسسوا لمسيرة كعازفين. فالعازف في فرقة هو اختصاص له آليات وتكوين معين. ولكن أيضا اشتغال العازف على مسيرة فردية يوظف فيها تكوينه ورؤيته ضمن مسيرة خاصة كعازف أمر مهم وله تكوين خاص وثقافة معينة. وقد ظهرت في فترات معينة في تونس من خلال عدة وجوه موسيقية مثل المرحومين أحمد القلعي ورضا القلعي ونتمنى أن تنمو هذه الثقافة وتنتشر ويقتدي بها كل الموسيقيين. - متى يمكن أن نتحدث عن عروض محترفة خاصة بعازفين تونسيين على غرار العازفين الأتراك مثلا والعالميين عموما؟ العروض الفردية في تركيا ترجع تاريخيا إلى قديم الزمان منذ الدولة العثمانية. ولكن في تونس مازال أمامنا العديد من الأشياء لإصلاحها قبل كل شيء، إصلاح منظومة كاملة تتداخل فيها كل المجالات السمعية البصرية والتربوية. ولا بد من غرس هذه الثقافة منذ الصغر لدى الأطفال، الذين لا تُسمعهم وسائل الإعلام المرئية والتلفزية مع احترامي لهم اللون التونسي وكأنه غريب عنهم رغم أن موسيقيينا من أفضل الموسيقيين وفي درجة رفيعة جدا من المستوى الفني إلى جانب مطربينا. فلا بد من تضافر كل الجهود للرقيّ بالذوق العام. هل ترى صفة وزير الثقافة كموسيقي عاملا مهما لتحسين الذوق العام؟ صحيح، هو نفسه يحارب من أجل ذلك. ولكن الأمر مرتبط بمنظومة كاملة وإصلاحها يتطلب سنوات لأنها تراكمات لسنوات كثيرة جعلتنا نصل إلى هذه الوضعية. وأتمنى حظا سعيدا للسيد محمد زين العابدين وللوزراء القادمين. ولا أشك في غيرة الوزراء السابقين على الموسيقى وعلى الموسيقيين سواء مراد الصكلي أو سنيا مبارك. فقد قاما بمجهود كبير. هل أنت مع أن يكون العازف في تونس مخيّرا أم مضطرّا الى العزف وراء أي كان من المطربين مهما كان مستواهم الفني؟ هذا مرتبط برغبة العازف وبالظروف التي يعيشها. هل تختار المطرب أو المطربة التي تعزف وراءه أم تقبل بأي كان؟ لي مدة أعزف في فرقتي الخاصة وهناك معنا مجموعة من المطربين المعروفين، ليست مسألة رفض ولكن يا حبذا لو أعزف وراء شخص «يعرف يغنّي» لأن العازف يشعر بمتعة خاصة ويتسلطن بدوره وراء مطرب بأتم معنى الكلمة.