عالمنا المعاصر والمتقدم علميا وتكنولوجيا يحمل في كنهه كل المتناقضات التي تجعلك تتساءل أهذا هو التقدّم المنشود؟ ففي حين يعاني ملايين البشر من المجاعة وسوء التغذية والأمراض المرتبطة بها تستفحل السمنة وزيادة الوزن في العالم وبالخصوص في المدن الكبرى ومعها أمراض العصر من السكري وأمراض القلب والشرايين. من بين هذه الأوبئة المعاصرة والتي لا تخلو من مخاطر على الصحة نذكر الوباء الصامت لتشحّم الكبد. كل الباحثين والمختصين في مجالات الصحة يحذّرون من خطورة هذا الوباء الذي يعمل في صمت ولا يعبّر عن ذاته إلا بعد فوات الأوان. خطورة هذا المرض أنه يتقدّم دون أي إشارة سوى تلك السمنة البادية على الشخص المعني (وما يرمز لها البعض بسخرية ب»فرحة الحياة») وخصوصا تراكم الشحوم في البطن. من التشحّم Stéatose du foie إلى التليّف Cirrhose ومنه إلى السرطان. تشحّم الكبد يعني أيضا تشحّم الشرايين وانسدادها ويعني أيضا التعرض لمرض السكري ولكل أمراض القلب والشرايين. منذ اكتشاف التهاب الكبد الدهني غير الكحولي أو الناش ، من طرف العالم «لودفيغ» في سنة 1980 تم إحراز تقدم كبير في فهم هذه الحالة التي لا يزال تعريفها نسيجيا: انتفاخ خلايا الكبد بفعل الشحوم المتراكمة stéatose hépatique ويقترن مع التهاب ومع أو بدون التليف cirrhose hépatique. يتضمن التعريف الفيزيولوجي للمرض بأنه تدفق للأحماض الدهنية الحرة من الأنسجة الدهنية إلى الكبد حيث يتم تخزينها في الخلايا الكبدية مع عملية أكسدة وسمّية للميتوكوندريا مما يؤدي إلى تدمير الخلايا وقد قام هؤلاء المختصين بعملية موازاة مع تصلب الشرايين الكبدي الحقيقي.بطبيعة الحال تبدو اليوم الأمور أكثر تعقيدا ومخالفة بعض الشيء لهذا التصوّر والفهم.