مؤسس النداء يطلب رفع التجميد عن الشاهد تمهيدا لإعادته، والمؤتمرو الحزب يستجيبان… الباجي يريد إعادة النداء إلى مجده وإرجاع الأبناء الغاضبين والمغضوب عليهم إلى «عائلتهم الكبيرة». ولكن هل من الممكن أن يجتمعوا مجددا مع من كانوا سببا في خروجهم؟ تونس الشروق: مؤسس نداء تونس الباجي قايد السبسي يلعب آخر أوراقه لإنقاذ حزبه. و»يعفو» عن القيادي المجمد في «النداء» يوسف الشاهد لما «فيه خير الحزب وخير تونس» على حد تعبيره. للشاهد حسابات خاصة داخلية وخارجية يستحيل معها التنبؤ بردّه على الدعوة. ولا يمكننا أن نستشرف قراره في قبولها أو رفضها.ولكن يوسف ليس المعني الوحيد بمحاولات إنقاذ النداء. فهناك رغبة في إعادة الندائيين الغاضبين والمغضوب عليهم حتى يستعيد الحزب حجمه ولا تتشتت أصوات من انتخبوه في التشريعية الماضية. هذه الدعوة تهم بالأساس الحزب الجديد حركة تحيا تونس، وحركة مشروع تونس وبدرجة أقل بقية الأحزاب المنسلخة عن النداء بالإضافة إلى جماعة «لم الشمل» والمكتب التنفيذي (ما قبل المؤتمر الأخير)، فما حظوظ عودتها؟ «غير معنيين» «لم يوجه لنا دعوة رسمية ولا غير رسمية للعودة. بل إن ما نفهمه من كلامه أنه لا يريدنا إطلاقا». هكذا علق القيادي في النداء وعضو مبادرة «لم الشمل» على ما أفصح عنه قايد السبسي في افتتاحه مؤتمر النداء الأخير قبل أن يضيف المسعودي ل»الشروق» أنه وزملاءه في «لم الشمل» غير معنيين بالعودة حتى لو تلقوا دعوة في الغرض لأن النداء الحالي لم يتغير حتى يغيروا موقفهم. صدى هذا الموقف نجده في حركة "تحيا تونس". حيث استبعد منسقها العام سليم العزابي أمس في ندوة صحفية إمكانية استجابة الشاهد لدعوة الباجي. فيما رأت القيادية في الحركة هدى سليم أن عودة الشاهد إلى نداء تونس «من باب المستحيل» قبل أن تتابع في تصريح إعلامي «نحن نجهز حزب تحيا تونس لعقد مؤتمرنا الانتخابي في 28 أفريل الجاري ولا مجال للرجوع». ولم يصدر عن بقية الندائيين المنسحبين (في حركة المشروع أو بني وطني أو المستقبل…) تعليق رسمي حول إمكانية العودة من عدمها. ولكن لا نرى لهم مكانا في النداء الأم اعتبارا للأسباب التالية: عقبات في طريق العودة لم ينسحب الندائيون الغاضبون لمجرد تجربة حظهم خارج النداء بل لانسداد سبل التواصل بينهم وبين شق حافظ المدعوم من رئيس كتلة النداء سفيان طوبال والناطق الرسمي أنس الحطاب وغيرهما. فلو غاب هذا الثلاثي أو تم حصر قواه بمناسبة المؤتمر الانتخابي الأخير لراجعوا مواقفهم ولوجدوا دافعا مقنعا لتغليب مصلحة الحزب. هذه العقبة ترتبط إلى حد بعيد بعقبة مشابهة. فالكثير من الندائيين المعارضين لشق حافظ لم يعد لهم مكان في النداء بناء على موقف اللجنة القانونية التابعة لهذا الشق. العقبة الثالثة أن مؤتمر النداء الأخير جمع على سبيل الحصر مجموعة من الندائيين على حساب مجموعة أخرى تم إقصاؤها من المشاركة بالترشح أو التصويت. ولا يمكن لها بالتالي أن تلتحق بركب الهيكلة الندائية الجديدة. العقبة الرابعة أن الغاضبين والمغضوب عليهم قد شقوا طريقهم بعيدا عن النداء الأم. بل إن بعضهم مثل حركة تحيا تونس باتت الثانية بعد حركة النهضة في نتائج نوايا التصويت. ولا يمكن للطرف الأقوى أن يعود إلى الطرف الأضعف ليندمج فيه لأن المنطق يفترض أن يحتمي الضعيف بالقوي لا العكس. تحالف انتخابي؟ من صالح الباجي والمشرفين على ما تبقى من النداء أن تعود جميع الطيور المهاجرة وعلى رأسها الشاهد. لكنهم لم يوفروا لها الضمانات ولا التطمينات ولا الإغراءات. بل لم يقدموا لها اعتذارا أو ما يشبهه حول طردها من حزبها أو دفعها إلى مغادرته. فالأمر شبيه بفريق رياضي يطرد لاعبيه لخلاف بينهم وبين ابن رئيس الجمعية حتى إذا علا كعبهم وأظهروا أهميتهم طلب عودتهم ووضعهم من جديد تحت تصرف ابن الرئيس حتى يراهن بهم على الألقاب. من هذه الزاوية تبدو عودة ندائيي الأمس إلى نداء اليوم مستحيلة. لكنها قد تصبح ممكنة إذا تغير شكل التقارب، والاستعاضة عن العودة والاندماج بالتحالف الانتخابي وحتى الاستراتيجي الذي يؤسس من اليوم لعلاقة مستقبلية بين أحزاب ندائية وسطية متكافئة من حيث التأثير والتأثر. التحالف الانتخابي حل جيد جدا لمن يريد النجاح أولا في الانتخابات والمراهنة بجدية ثانيا على الحكم دون الحاجة إلى شراكة النهضة لكن علينا ألا ننسى حقيقة ثابتة في النداء. فبعض الندائيين الغاضبين والمغضوب عليهم يرون أن شق حافظ يحتاجهم أكثر مما يحتاجونه ولن يرموا له بحبل النجاة حتى لو كانت مصلحتهم في وقوفهم إلى جانبه.