لبنانية المولد والنشأة، جزائرية الأصول، تونسية الموطن والاستقرار، صفية الشامية واسمها الحقيقي شريفة أحمد قنون التي تلقّت دروسا في الموسيقى وأصول الأداء علي يد محيي الدين سلام والد الفنانة نجاح سلام حتى جاء اليوم الذي اختار فيه والدها العودة الى الجزائرمسقط رأسه، فاختار تونس كمحطة يعبر من خلالها الى الجزائر لكن الظروف شاءت أن تستقر العائلة هنا وعدل عن فكرة العودة الى الجزائر كان ذلك سنة 1946، لم تكن صفية تدرك للحظة أنها ستظل في تونس لتصبح واحدة من المطربات التونسيات، وقد يكون لمقر سكنى عائلتها بالقرب من مقر الاذاعة بساحة العملة في تلك الفترة دور في نحت مسيرتها الغنائية بتونس، فقد التقت المدير الفني للإذاعة مصطفى بوشوشة الذي شدّه إليها صوتها ليبادر بإطلاق اسم جديد لها وهو صفية الشامية بعد أن كان صفية هانم... وأصبحت هذه المطربة واحدة من الركائز الأساسية في الفرقة الموسيقية للإذاعة. وفي رمضان 1946 اقتحمت صفية الشامية ساحة الحلفاوين وكازينو باب البحر من خلال سهرات غنائية تقدم فيها الموشحات والأدوار ليتحول الأمر آخر الليل الى الإيقاع والرقص. «لهلوبة» ساحة الحلفاوين تقول كتب التاريخ أن بطحاء الحلفاوين تستمدّ اسمها من باعة الحلفاء الذين كانوا والى بداية القرن التاسع عشر ينتصبون لبيع الحلفاء بها وأخذت هذه البطحاء بعد ذلك قيمة معتبرة في الفترة الحسينية، إذ أن الكثير من أعيان الدولة انتصبوا بها من ذلك الوزير أبو المحاسن يوسف خوجة صاحب الطابع الذي أحدث في البطحاء الى جانب جامعة سوقا وعلوا خاصا بسكناه، كما بنى الوزير ابن عيّاد قصرا غير بعيد من هذه البطحاء (مدرسة نهج الزاوية البكرية) بينما يحتل قصر الوزير الأكبر مصطفى خزندار وزوجته الأميرة كلثوم بنت مصطفى باشا باي مكانا متميّزا من البطحاء (قصر المسرح اليوم) ولكل من شهد هذا المكان في أربعينات وخمسينات القرن الماضي بدرجة أولى تعود به الذاكرة الى سهرات ليالي رمضان (الكافيشانطا) والتي كانت مسرحا للغناء والرقص والألعاب السحرية فضلا عن سهرات الانشاد الديني والفداوي والفنانين كسيد شطا وأمين حسين وفتحية خيري وشافية رشدي والهادي الجويني وصفية الشامية التي كانت بصمتها واضحة في كل ما قدمته من أغنيات جعلت منها «لهلوبة» على الركح، وهو ما دفع بمالكي كازينو باب البحر للتعاقد معها آخر الليل لمواصلة السهر حتى مطلع الشمس وهي تقدم اللون الغنائي الخفيف الراقص. في رصيد صفية الشامية أغنيات ذات طابع خفيف بمضامين محبّبة الي النفوس فيها متعة الإحساس بجمال الوجود: يا مثيل عرف إلياس، قالو لي أسمر، لالا ما نحبكشي، محلى قدك ياواردة ع العين عميراتو نحبك .. وغيرها كثير...