علقت أغلب الأحزاب في تفاصيل تحديد الشخصيات التي ستؤثث قائمات الانتخابية، وانطلقت الصراعات التي من المنتظر ان تتطور بشكل لافت بعد تقديم كل القائمات، وانتهاء فترة القيام بالتسويات مع الغاضبين على اقصائهم من تمثيلية أحزابهم في الانتخابات التشريعية تونس (الشروق) تحديد ملامح قائمات الأحزاب في الانتخابات التشريعية، أصبحت أكبر التحديات التي تشهدها الأحزاب في تونس، فالفترة التي يتم فيها ضبط الأسماء التي ستؤثث القائمات تشهد صراعات كبرى وموجة استقالات وحروب كلامية .. فمهما كانت القائمات توافقية وتتضمّن أسماء لها ثقلها الشعبي والحزبي يبقى هامش الصراع قابلا للتطوّر والتأثير حتى على حظوظ القائمات في الفوز. القيادات التاريخية محاول الصراع حول القائمات عديدة، منها ما يتعلّق بتمسّك قيادات الصف الأول في الأحزاب بالترشح في أكثر من مناسبة وهو ما يجعل الراغبين في البروز يدخلون في صراع مباشر مع «القيادات التاريخية»، ومنها ما يتعلّق بإسقاط أسماء جديدة على القائمات وعادة ما تكون هذه الأسماء خارج الاطار الحزبي وتم انتدابها لتأدية دور معيّن،إما تلميع القائمة أو تمويلها .. إضافة الى صراع الترتيب الذي غالبا ما يكون حاضرا في أغلب القائمات، فحظوظ الفوز تكون لرئيس القائمة بدرجة أولى، ثم تتقلص الحظوظ كلّما نزلنا في الترتيب، وهو ما يجعل أغلب الأسماء تتصارع على المرتبة الأولى والثانية. صراعات النهضة أكثر الأحزاب التي برزت خلافاتها الداخلية للعلن في ما يتعلق بتشكيل قائمات الانتخابات التشريعية القادمة، هي حركة النهضة، على عكس المحطات السابقة، فالنهضة التي بدت متماسكة الى حد كبير في انتخابات سنة 2011 وسنة 2014 وفي الانتخابات البلدية للسنة الماضية، ظهرت هذه المرة كأكثر الأحزاب التي تشهد خلافات داخلية تهدد بقسمتها. النهضة انجزت انتخابات داخلية امتدت على شهر جوان، أفرزت قائمات انتخبتها قواعد الحركة ورشحتها بشكل مُرتّب لخوض غمار الانتخابات التشريعية، لكن المكتب التنفيذي للحركة قام بقلب كل المعادلات ومكّن شخصيات اسقطتها القواعد من رئاسة عدد من القائمات كما نقل أسماء من دائرة الى أخرى وأسقط أسماء تم انتخابها على رأس القائمات .. سلوك أحدث زلزالا داخل الحركة ونتج عنه استقالات وموجة استنكار واسعة. من مخلفات القائمات التي أفرزها المكتب التنفيذي للحركة، رسالة وجهها القيادي في الحركة عبد اللطيف المكي الى رئيس الحركة راشد الغنوشي،وجه ضمنها انتقادات لاذعة للغنوشي واتهامات يمكن اعتبارها معطى جديدا في سلوك قيادات النهضة، إضافة الى تدوينة للنائبةحياة العمري تضمّنت استنكارا لاستبعادها من قائمة دائرة سيدي بوزيد، وتقديم القيادي في الحركة علي الشرطاني لاستقالته متهما النهضة باتباع سياسة «اقصائية». مشاكل تحيا تونس حزب حركة تحيا تونس، هو الآخر من الأحزاب المعنية بالصراعات الداخلية على القائمات الانتخابية، فبالرغم من حداثة هذا الحزب وانجازه لمؤتمره وتنظيمه لاستشارة جهوية لتشكيل القائمات الانتخابية، إلاّ أنه يعاني صراعات داخلية تهدّد تماسكه، وكانت أولى مؤشرات الصراع التي خرجت للعلن اعلان النائب حافظ الزواري ترشحه على رأس قائمة مستقلة في الانتخابات التشريعية القادمة وذلك بعد تخلي حزب تحيا تونس عن ترشيحه على دائرة سوسة. قرار حافظ الزواري يعود أساسا الى ان حزب تحيا تونس قرر ترشيح حسين جنيح على رأس قائمة في دائرة سوسة، وهو ما غضب الزواري الذي انضم الى حزب تحيا تونس والى كتلته البرلمانية واستقال من حزب آفاق تونس. ما حدث في دائرة سوسة، هو ذاته ما يحدث في دائرة القصرين فالصراعات تعصف بقيادات الحركة في هذه الدائرة، التي جعلت الحزب لا يستقر على تحديد أسماء المرشحين الى الآن، لكن لانقسامات الحاصلة ستدفع الى خروج بعض القيادات لتشكيل قائمات مستقلة، مثل مبروك الخشناوي الذي تؤكّد عديد المصادر انه يعتزم خوض الانتخابات التشريعية بقائمة مستقلة. ما يحدث في دائرة القصرين، يشبه أيضا ما يحدث في دائرة الكاف حيث يشهد مكتب تحيا تونس حالة غليان واستنكار عدد من الشباب لمحاولة اخراجهم من القائمة، مهددين بالاستقالة من الحزب .. وهذا المشهد يتكرّر في عديد الدوائر مما دفع الحزب الى التأخر في تحديد ملامح قائماته بشكل رسمي. أزمة الجبهة الشعبية أما الجبهة الشعبية فتشكيل قائمات الانتخابات التشريعية تأثر بشكل كبير بما يحدث داخل الجبهة من صراعات،والخلاف الحاصل حول الشرعية القانونية ان كانت للنواب الذين استقالوا من الكتلة البرلمانية وشكلوا كتلة أخرى باسم الجبهة الشعبية ومكوناتهم الحزبية، او لباقي الأحزاب .. هذه الصراعات جعلت عددا من الأحزاب في إشكالات كبرى بلغت حد دخول عدد من أنصار الجبهة الشعبية بالقيروان في اعتصام مفتوح بمقر الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وذلك ردّا على عدم قبول الهيئة لملف ترشحهم ومطالبتهم بتغيير اسم الحزب بعد أن تبين أن هناك ملفا يحمل نفس اسم الجبهة الشعبية. النداء، المشروع وآفاق أحزاب أخرى تشهد إشكالات متقاربة، وهي أساسا حزب حركة نداء تونس ومشروع تونس وآفاق تونس .. وهي أحزاب يتمحور الصراع داخلها بين مجموعتين، المجموعة الأولى يقودها النواب والشخصيات البارزة في الصف الأول لهذه الأحزاب، والمجموعة الثانية تقودها شخصيات ترغب في الظهور وعدد من الشباب الذي يطالب بدور سياسي هام يتناسب مع ما يقدمه من خدمات لهذه الأحزاب. هذه المعارك حاولت بعض الأحزاب حلها باعتماد تقنية الانتخابات الداخلية، والبعض الآخر فشل في ادارتها، لكنها بقيت غير واضحة على ملامح المستجدات السياسية في تونس لانها مازالت الى اليوم تخضع الى محاولات للقيام بالتسويات ومن المنتظر ان تنفجر بشكل متواتر مع بداية تقديم القائمات الانتخابية.