عديدة هي الأصوات الغنائية من المطربات اللائي كان لهن شان كبيرحتى منتصف الثلاثينيات وحاولن الصمود امام الصوت الفني والقوي «ام كلثوم» فلم يستطعن –منيرة المهدية ونادرة الشامية فتحية أحمد، ويبدو انهن اصررن على البقاء في الساحة الفنية والاحتفاظ بعروشهن التي اخذت تتهاوى امام ام كلثوم ,لإثبات وجودهن أو حبا في متابعة رسالتهن الفنية التي وهبنها حياتهن فعقدن اتفاقات مع كبار الملحنين املا في استعادة ما فقدن من أمجادهن، فاتفقت نادرة مع محمد عبد الوهاب وفتحية احمد مع زكرياء احمد والقصبجي والسنباطي ,بينما انفردت منيرة المهدية بتوقيع عقد مع الإذاعة المصرية لتقديم بعض أغاني الاوبرا والاوبيرات التي سبق وغنتها في العشرينيات واوائل الثلاثينيات. الاغنية الوحيدة والجميلة جدا التي لحنها محمد عبد الوهاب وغنتها نادرة ونظمها احمد رامي هي «يا حبيبي اقبل الليل» ويبدو ان محمد عبد الوهاب أراد من وراء لحنه هذا تهديد ام كلثوم والتلويح لها بقدرته على صنع المعجزات بأصوات تقل قدرة عن صوتها لأنها كانت تزاحمه على رئاسة نقابة الفنانين، وفعلا اثبت محمد عبد الوهاب في هذه الاغنية الرائعة ومن خلال صوت نادرة على انه يستطيع تحقيق المعجزات وقد تأثر السنباطي بلازمة هذه الاغنية الرئيسية واستعان بجملة القفل فيها فيما بعد في رائعته «رباعيات الخيام». فتحية احمد ذات الصوت النحاسي العميق كانت اوفر حظا من زميلتيها لأنها استطاعت استعادة ثقتها بنفسها عن طريق الملحنين الكبار «زكريا والقصبجي والسنباطي»... الذين تمكنوا من تطويع صوتها من اللهجات الفارسية والتركية والغجرية الدخيلة على الغناء العربي التي فشلت منيرة المهدية في التخلص منها. سنة 1940 أمضت فتحية احمد عقدا مع الإذاعة المصرية ينص على تقديم سهرة واحدة في الشهر تتكون من وصلتين غنائيتين فغنت على مدار عدة سنوات الحانا لزكرياء احمد من أبرزها قصيد «أضحى الثنائي» وعددا من الأدوار والموشحات والطقاطيق من أجملها طقطوقة « يا حلاوة الدنيا» كذلك غنت للقصبجي العديد من الأغاني الرومانسية التي اشتهر بها منها «يا شاغل بالي» الذي استقى منه فيما بعد لحنه الجميل لأغنية «ياريتني أنسى الحب» لليلى مراد. (يتبع)