قبل الحديث عن برنامج عمل الحكومة المقبلة والملفات الحارقة التي تنتظرها، أمعنت الأحزاب في تقديم شروطها لتقبل بالانضمام الى الحزام السياسي الداعم لهذه الحكومة، حتّى أصبح إرضاء حزب يؤدّي بالضرورة إلى إغضاب أحزاب أخرى، وهو ما تسبّب في شل مسار تحديد ملامحها . تونس (الشروق) ثلاث أسابيع مرت على انجاز الانتخابات التشريعية، دون ان يتم تحديد ملامح الحزام السياسي للحكومة المقبلة، ولم تحقق النقاشات الحاصلة في الكواليس ما يمكن ذكره والاعتماد عليه لصياغة ملامح التشكيلة الحكومية، حتّى أن قيادات الأحزاب المعنية بشكل مباشرة بهذا الملف أصبحت تصر في كل تصريحاتها على نفي وجود أي اتصالات رسمية، وتؤكّد على أن ما حدث الى الآن مجرّد لقاءات غير رسمية . شروط عديدة بعيدا عن تشتّت المشهد البرلماني وضعف تمثيلية الأحزاب الذي يفرض تجميع اكبر قدر ممكن منها تشكيل الحزام السياسي للحكومة، فانه يمكن اعتبار الشروط التي قدمتها اغلب الأحزاب، احد اهم العوامل التي جعلت من مسار مفاوضات تشكيل الحكومة يبقى حبيس الخلافات ولا يتقدم بالشكل المطلوب . الشروط التي تقدمها الأحزاب متضاربة ومتداخلة وتذهب في سياقات متقاطعة ومختلفة، حد شل كل النقاشات التي تروم التجميع، ولا يمكن استثناء أي طرف من هذه الشروط فكل حزب اصر على تقديم شروطه قبل ان يتحدث عن إمكانية التنازل لتحقيق المصلحة الوطنية . استثناء قلب تونس والدستوري الحر حركة النهضة، أول حزب معني بتشكيل الحكومة باعتبار ان الدستور منحه صلاحية اختيار الشخصية التي ستقود التشكيلة الحكومية، لم يتردّد في تقديم شروطه منذ البداية، حيث أشار رئيس الحركة راشد الغنوشي في "فيديو" نشره على صفحته في فيسبوك، الى ان النهضة لن تتحالف مع حزب قلب تونس ولن تتحالف أيضا مع الحزب الدستوري الحر . شروط النهضة التي ضيّقت مساحات تحركها للبحث عن حلفاء يساندون الحكومة المقبلة، أُضيف لهم معطى اخر وهو التأكيد على أن النهضة متمسكة باختيار شخصية من داخله لقيادة الحكومة المقبلة، حتى ان مؤسسات الحركة ذهبت الى التأكيد على اختيار راشد الغنوشي لهذه المهمة . شخصية مستقلة حزب التيار الديمقراطي هو أيضا من اول الأحزاب التي قدمت شروطها، قبل اتخاذ قرار الانضمام الى الحزام السياسي للحكومة، حيث أكدت قيادات الحزب على وجود ثلاث شروط أساسية، أكدها المجلس الوطني للتيار في اجتماعه الأخير وهي اختيار رئيس الحكومة من خارج الأحزاب التي ستمثل السند السياسي للتشكيلة الحكومية، وتمكين الحزب من وزارات العدل والداخلية والاصلاح الاداري، إضافة الى ضبط برنامج مكتوب والاعلان عنه . ثلاث مسائل كبرى موقف حركة الشعب لا يختلف عن ما دفع في سياقه حزب التيار الديمقراطي، حيث اكد الأمين العام للحركة زهير المغزاوي على انها تضع ثلاث مسائل كبرى أمام من يريد التفاوض معها لتشكيل الحكومة القادمة، موضحّا أن المسألة الأولى تتعلق بضرورة الإجابة عن أسئلة ملف الإرهاب الداخلي والخارجي وقضية الاغتيالات السياسية وتسفير الشباب الى بؤر التوتر. أما المسألة الثانية، فتتعلق بمبدإ السيادة الوطنية والقرار الوطني الذي لا يخضع لإملاءات خارجية والارتباط بالسفارات الأجنبية وسيادة الشعب على ثرواته. وتتعلق المسألة الثالثة، بالموقف من متطلبات الشعب التونسي الاجتماعية من تعليم وصحة وتشغيل الشباب و رفع "التفقير" وتقديم تصورات واضحة حول وضعية المؤسسات العمومية. كما طالبت حركة الشعب باختيار الصافي سعيد لتشكيل الحكومة المقبلة . شريك فاعل أما ائتلاف الكرامة، وهو اول طرف سياسي اعلن انه مستعد للتعاطي مع حركة النهضة في علاقة بتشكيل الحزام السياسي للحكومة المقبلة، لكنه لم يكن خارج سرب الأحزاب التي بادرت بتقديم الشروط، حيث أكد الناطق الرسمي باسم الائتلاف سيف الدين مخلوف عن قبول دعوة رسمية من حركة النهضة للمشاركة في مشاورات تشكيل الحكومة، مشددا على أنه يرفض أن يكون مجرد مشارك حاضر في المشاورات فقط، مشيرا إلى أن الائتلاف لن يشارك في الحكم إن لم يتم الاتفاق على البرامج التي قدمها لتحسين أوضاع التونسيين وإيجاد حلول لمشاكلهم. وزارة الخارجية أما حركة تحيا تونس التي أعلنت قياداتها انها ستكون في المعارضة وانها غير معنية بالانضمام الى الحزام السياسي الداعم للحكومة، فتؤكّد كواليس بعض اللقاءات غير الرسمية التي جمعت قيادات من حركة النهضة ومن تحيا تونس، انه تم اقتراح رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد ليكون وزيرا للخارجية مقابل التصويت لصالح الحكومة . حكومة وحدة وطنية هذا في ما يتعلق بالاحزاب التي يمكن اعتبارها معنية بشكل مباشر بالنقاشات التي تقودها النهضة، أما الأحزاب التي استثنتها النهضة من النقاشات فهي أيضا من الأطراف السياسية التي لم تتردد في تقديم شروطها، حيث أكد الناطق باسم حزب قلب تونس حاتم المليكي، ان الحزب يُطالب بتشكيل حكومة وحدة وطنية تحظى بمساندة برلمانية قوية وتضع الملف الاقتصادي على رأس أولوياتها، وأنه يدعو الى أن تترأسها شخصية وطنية مستقلة. وأكّد المليكي في تصريح اعلامي رفض الحزب "من حيث المبدأ أن يكون رئيس الحكومة من حركة النهضة" مشددا على أن الحزب متمسك بعدم التحالف والمحاصصة الحزبية مع "حركة النهضة". حكومة دون النهضة أما الحزب الدستوري الحر، وهو اكثر الأحزاب راديكالية في مستوى فكرة المشاركة في الحكومة المقبلة، فقد شددت رئيسته عبير موسي على أنه مستعد للمشاركة في تشكيل حكومة تكون دون «اخوان»، على حد تعبيرها . كما اكدت ان الحزب الدستوري الحر لن يتحالف مع حركة النهضة و سيبقى في المعارضة في صورة تشكيل حكومة تكون النهضة حاضرة فيها . قيس سعيد يدعو الى حكومة كفاءات شدّد رئيس الجمهورية قيس سعيد على ضرورة تضافر جهود الجميع لتكوين حكومة قائمة على مبدإ الكفاءة ولديها برنامج عمل كفيل بتحقيق طموحات التونسيين في إطار الاحترام الكامل للدستور، مؤكدا خلال لقاء جمعه برئيس حركة مشروع تونس محسن مرزوق، على ضرورة الإسراع بالإنكباب على إيجاد الحلول الجذرية لمشاكل المواطنين.