«أنظر للوجوه وفرّق اللحم» هذا القول الشعبي يحيلنا مباشرة على ولائم الأعراس و«زردات» الأولياء الصالحين في البوادي أين يتمّ توزيع اللحوم على الحضور ويذكرني بعرس الثورة وزردة الحكم والشعب الكريم إذ كان لحم العرس لا يفي بنهم «العرّاسة» ولحم الزردة في مثارد الشيخ لا يفي بنهم وكلائه وخدمه وحشمه والنّاس كل يمنّي النفس باللحمة الكبرى ولمَ لا ب«جيقو» كامل يتمنّاه فخض عجل في أوج الفحولة. ومادام كبر اللحمة من جمال الوجوه بمقياس الولائم كم من قبيح وجه لبس قناع ملاك من أجل أن يكون نصيبه مثرد إلا لحمة وكم من ذميم وجه مكيج وجهه وجمّله من أجل أن يكون نصيبه من الوليمة كدسا لا لحمة. فهما الغرابة إن رأيت اليوم الساحة تعجّ بأناس تحمل وجوها لا تشبه وجوهها تدّعي الجاه والوجاهة في كل وجهة مع كل اتجاه للريح «البرّاني» بالخصوص. انتهى عرس الثورة. انتهت زردة الحكم لم نر لحما ولا شحما ولا عصبانا سمعنا الزغاريد ولم نر الكسكسي لم نر الذبائح والأضاحي إلا في صفوف الجيش والأمن والزعماء والأبرياء لم نر المشروبات وإنما رأينا الدماء على نخب «العرّاسة» تحتسي لم نر في العرس عروسا لم نر في الزردة وليّا صالحا وإنما رأينا قططا تلحس المثارد وكلابا تنبح شبعانة بعظام الوليمة في التلفزة والفايسبوك على الهواء مباشرة.