أكثر من 250 من ال«برباشة» يتحولون يوميا الى مصب النفايات بمنطقة برج شاكير بالعاصمة حيث يقومون بالبحث داخل النفايات المتراكمة عن اي شيء ثمين يمكن أن يباع أو جمع المواد المكررة . تونس (الشروق) يقف «البرباشة» يوميا بمحيط مصب النفايات بمنطقة برج شاكير وهو أكبر مصب للنفايات بولايات تونس الكبرى ينتظرون أن يفتح مدخله حتّى يتوزع عشرات الرجال والنساء والاطفال مسرعين نحو تلال القمامة للبحث في أكوام النفايات. حيث تقوم الشاحنات بتفريغ ما يتراوح ما بين 3000 و 3500 طن من النفايات المختلطة يوميا على مساحة تقدر ب120 هكتارا والتي يتمّ جلبها من 38 بلدية من ولايات تونس ومنوبة وبن عروس واريانة . « الشروق» تنقلت الى مصب النفايات ببرج شاكير بالعاصمة. ولم تكن مهمتنا سهلة لإقناع «البرباشة» للحديث الينا. ورغم غضبهم الا أننا تمسكنا بالحصول على بعض المعلومات منهم. حيث أكدوا لنا أنهم لا يتحدثون مع الغرباء وفق تعبيرهم وما أثار استغرابنا في البداية هو كمية العداء من طرفهم إذ هم يرفضون وجود اي شخص داخل المصب الذي يعتبرونه منطقتهم المحظورة وعالمهم الاسود الذي ترعرعوا فيه وعاشوا حياتهم داخل الفضلات القاتلة . 7 دنانير لكل طفل يستغل السماسرة المسيطرون على مصب النفايات ببرج شاكير أكثر من 35 طفلا للقيام بالبحث في القمامة واستخراج فضلات المواد الغذائية وجمع المواد البلاستيكية ومختلف المواد القابلة لإعادة التدوير أو التي يمكن إعادة استخدامها كما أنّ كبار البرباشة» او ما يعرف بالسماسرة يعرضون حياة أكثر من 35 طفلا لم تتجاوز أعمارهم 12 سنة لجميع أنواع الكوارث والمخاطر الصحية على غرار التسمم الحاد والاختناق بالغازات السامّة وغيرها من التهديدات التي يمكن أن تصيبهم أثناء تواجدهم في تلال القمامة القاتلة. وفي هذا الاطار تمكنت «الشروق» من الحديث الى عدد من الاطفال الصغار. حيث أكدوا لنا أنهم يعملون داخل مصب برج شاكير منذ حوالي سنة. ويجنون بين 5 دنانير و7 دنانير يوميا الا أنهم امتنعوا عن مواصلة الحديث عندما لمحوا شخصا قادما نحوهم. فتحولنا بعد ذلك الى السيدة منجية التي قبلت أن تتواصل معنا. حيث أكدت لنا أن عددا من السماسرة يقومون باستغلال الاطفال القصر نظرا الى أن كلفتهم المادية لا تتجاوز 7 دينارات يوميا في حين تصل كلفتها هي وعشرات «البرباشة» البالغين أكثر من 10 دنانير يوميا . الحدود الممنوعة يتوافد أكثر من 250 من ال«برباشة» على مصبّ برج شاكير بمحض إرادتهم. ويختارون منذ البداية غزو المصب ومداهمة الشاحنات وممارسة العنف في ما بينهم والتخريب والترويع وحسب ما أكد مصدر أمني ل«الشروق» فإن القوات الأمنية عجزت عن التعامل معهم. حيث يتم ضبط نظام العمل داخل أكبر مصب نفايات باقليم تونس الكبرى وفق قواعد وقوانين سنّتها شبكات سيطرت بالقوة على أراضي المصبّ. ورفضت السماح لأي شخص غريب عن المنطقة بالاقتراب من دائرتهم الخاصّة والتي تعتبر وفقا لقوانينهم ملكا خاصا. وفي السياق ذاته أكد لنا السيد بوجمعة وهو"برباش" منذ سنة 2000 أن هذه المهنة هي مصدر رزقهم الوحيد مضيفا أنه لا يبالي بالمخاطر الصحية الناجمة عن النفايات. حيث قال لنا «احييني اليوم واقتلني غدوة « أما عن الحدود وطريقة ضبطها فأكد محدثنا أن كل مجموعة تسيطر على مساحة معينة من المصب. ويمنع عليها أن تبحث عن النفايات في غير منطقتها المحددة. وفي حال تجاوز أحد البرباشة هذه الحدود يتم إبعاده بالقوة باستعمال العنف. حيث أكد السيد بوجمعة أنهم يعيشون وفق قوانينهم الخاصة المعتمدة على القوة وقانون الغاب .