استوقفت نفسي يوما... بعد أن عدت إلى ما وراء خطوط التماس... ألتمس نفسا تعيد لي ثقتي وروحا تضمد جراحي النازفة... نظرت إلى موقعي الطبيعي من الزمن فرأيت أمامي الحاضر وأمامه غير بعيد المستقبل... علمت حينئذ أنني التاريخ وأنت الحاضر... أنا التاريخ وأنت الحاضر!!! وعلمت أن الحاضر لا يلتزم بشرط التاريخ... ولا يمكن بأي حال من الأحوال ادماج اثنين معا. لكن يمكن للمغرمين بالبحث والأصالة أن يثروا أبحاثهم بالعودة إلى الماضي أعني إلى التاريخ. وكنت أنت أحدهم. دخلت مكتبة التاريخ يوما وجلست بحياء وأدب... تسللت يداك إلي... لتحتضنيني وتفتحي ورقاتي ورقة ورقة. كانت عيناك تشعان بريقا من الغبطة والسعادة... ولم أبخل عليك بنقطة أو ضمة... أعطيتك كل ما في كتابي من أسرار. أبهرك هذا الكتاب وما احتواه من قيم... وتضحية... وحب فاق المعقول... وأحببت هذا الكتاب وكان لك موعد معه كل يوم... تقرئين صفحة من صفحاته وكان هو سعيد وقد نبض قلبه من جديد وانتفضت ورقاته لتصير سجادة سحرية... تجلسين عليها ويسافر بك إلى آثار ربوع البلاد شمالا وجنوبا... وكانت المحطة الأولى... زغوان مهد الحضارة الرومانية... ومعبد المياه!! مكان مولد أول وآخر حب عرفه التاريخ وقد نال المكان اعجابك فأصبحتما تزورانه كل أسبوع تيمنا بهذا المكان المقدس. ثم حملك التاريخ إلى معلم من أجمل معالم التاريخ العربي الإسلامي إلى عاصمة الأغالبة القيروان حيث استمتعت بمشاهدة فسقية الأغالبة وتجولت بالمدينة العتيقة... وكان التاريخ يشرح كل شيء بطريقته لأنه يعتبر ان التاريخ أصله وجذوره في زمن لم تعد للمواثيق عهدا وكنت أنت مسلوبة الإرادة تغمرك سعادة لا توصف. ثم كان لك موعد معه بمسرح قرطاج... وجلستما على مدارجه يروي لك عظمة المكان... وكنت كالتلميذة وهو كالأستاذ... تنصتين باهتمام بالغ لما يقول... وكان ترتيبك الأولى على مليار امرأة عرفها التاريخ... وفي جولة خاصة زرتما نابل... قربص... الحمامات... وغيرها.... وكان لابد للكتاب أن ينتهي ويعود إلى مكانه الأصلي إلى حيث شاء أن يضعه الزمن... إلى مكتبة التاريخ وارتبكت يداك وجلا وأسفا وسكبت دمعتين في قلب التاريخ لتنبت زهرة لن تموت ومضيت بهدوء إلى حاضرك ترسمين مستقبلك وتصنعين تاريخا لنفسك... فلتذكري التاريخ دوما وتضوعي بمآثره فإن التاريخ في ذاكرة الانسان إلى الأبد. أفقت فجأة من هاجسي على رنين الهاتف فأسرعت صغرى بناتي لترفع السماعة لكن الخط انقطع... سألتني ببراءة عما يكون يا ترى يا أبتي؟؟! فأجبتها دون أن أنظر إليها إنه الحاضر يا بنيتي. ضحكت ولم تع ما أقصد، فاستطردت تسأليني عما أكون أنا إذا؟؟ فأجبتها أنا الماضي وأنت المستقبل يا عزيزتي. جويلية 2002 * نجيب (تونس) ------------------------------------------------------------- أنشودة حب على مرافئ السفن * قالت: كنت رقما منسيا في ذاكرة الأيام كنت سحابة صيف لم تعشقها أراضي الربيع كنت وجها شاحبا يطل من وسط الزحام كنت صوتا لا يسمع في ضجيج المغنين وعشاق الربيع ومرّت الأيام... ورحل الغجر بحثا عن المراعي والكلأ الخصيب وبقيت وحدك تحتفظ لي بخصوبة التاريخ متمردا على قوانين الغجر لتغني لي وحدي «أغار من نسمة الجنوب على محياك يا حبيبي» قال: أنت في دنياي نجمة تمطر على جفاف حياتي رغم البعد، نوا ودفئا وأملا... لكي يظلّ ضوؤك، ساحة للأمان اخترت... اخترنا معا ألا يجتاز المسافة بيننا سوى الخيال أسطورة أنت.. جنيّة بحر، نامت على مرافئ السفن قبل أن تغرق في اليابسة كنت الرياح التي تعشق أشرعة المراكب المهاجرة إلى عالمك كنت موجة امان، في بحر ثائر، غدّار غنى لك البحار في هدأة الليل بعد ان افترش رفاقه الأحزان غنى لك بعد أن اعتصر آخر الدموع «من برّاد الشاي» غنى لك وهو يغتصب آخر نغم من أوتار: «أقبل الليل... وناداني حبيبي» تعالى صوته في سكون الليل..... استرخت لصوته الأمواج... وهاجت العواطف سكن البحر... ثار كل شيء... لتنتصر في النهاية حكمة كل الأزمة: «الّي انكتب على الجبين» * سليمة السرايري (تونس) ------------------------------------------------------------- قصائد هاربة * الاهداء: إلى مفيدة لماذا؟ احمّل نفسي من الهم ما لا أطيق لماذا أعذبها وأعتقد الاصدقاء هم الاصدقاء ... وقد تاه مني الدليل وضاع الطريق. *** ستنتقم الأرض بطشهم والقصيدة تهوي على جثة الريح سأغني هنا، وهناك بعد حزن أو بعد جيلين قد استريح *** لا أطيق المحال سأشد الرحال إلى مدن الملح والبرتقال * نبيل الزمالي (العيون 1215) ------------------------------------------------------- شيء من الذكرى بمقدار ما أنكرت حسناتي وبمقدار نسيانك لطلباتي وبمقدار ما لفقت من أكاذيب وبمقدار ما خسرتني مساء الخيانة سيدتي بمقدار ما هزمتني الخيانة بمقدار ما دمرتني الخيانة مساء البعد سيدتي بمقدار ما عرفت حقيقتك بعد البعد بمقدار ما صدمتني حقيقتك بمقدار ما غيرني البعد عنك هذا الكثير من الذكرى من الألم من الجراح * منى (القيروان) ----------------------------------------------------------- أحلام وأمر هام لما جنّ الليل وران الهدوء في الآفاق، عملت على لملمة شتاتي وشظاي قلبي، كسرته رياح العناد عنادك، قائلتي وقبل أن يهل علي صباحك معذبتي، أغلقت في وجه وجداني باب غرامك، لكي لا تساير لهفة جوارحي خطاك ظلت تلاحقني ومزقت بيدي آخر أوراق حبك من دفاتر أيامي، معذبتي لعلي نعم النسيان يخمد نارك في كياني وليبقى هجرك عنوانا يغري أحلامي حتى تدركين أحلامي ليلة سكون أوجاعي. * ابن البحر (المهدية) ------------------------------------------------------------ ردود سريعة * حسين المناعي رادس «الحب الكبير» و»العلم نور» و»القدس». ثلاثة نصوص فيها ومضات شعرية. ننتظر نصوصك الجديدة. * سهام الجنوب الشرقي «النفس التائهة» تكشف عن موهبة شعرية ندعوك لتطويرها بتكثف قراءاتك لعيون الأدب العربي. * شمعة الموج المضيئة الرقاب شكرا على ثقتك في «الشروق» النصوص التي وصلتنا منك فيها نفس شعري جميل ننتظر نصوصك الجديدة. * الأزهر نفطة قصة: الخائنة تكشف عن نفس سردي جميل. ننتظر منك نصوصا أخرى.