هو عيد للأمل والفرح... وللتنمية المستديمة. فمع تأجج اشراقة الفرح في محيا أبنائنا يوم 11 جانفي... وفي كل يوم، تتعزز الثقة في ترويض آمالنا المشروعة في غد يليق بأمجاد التونسيين وطموحهم في تونس الغد... تحتفي براعمنا قريبا بعيدها الوطني الذي يمثل واحدا من أنبل أشكال الاحتفاء بالمستقبل، في بلد يتجه للقادم الذي يصوغه بأكمام الورود، وبأنامل الجد، وسواعد المثابرة والاجتهاد، وبعرق الكادحين وضمائر المخلصين وبوميض مؤتلق في عيون متبصرة بأبجديات الصعود ومتحكمة في ميكانيزمات الترقي... ففي معادلة الغد كما تصورناها معا، واختزله مشروع ضم 21 بندا، أخصبتها إرادة الخير، وشكلتها روح الشوق للأفضل... وقد يعن لمثقف وأكاديمي سؤال : وهل يعي أطفالنا كنه التنمية المستديمة؟ وهل يجدي تبسيط أبجدياتها شيئا في دفع قاطرة التنمية المستديمة؟ قطعا : نعم... لأن خيار التنمية المستديمة في تونس والعالم لا رجعة فيه... وهو رهان جوهري لضمان مقومات نوعية العيش للناس... الآن وهنا... وكذلك وخصوصا لأجيال تونس في المستقبل المنظور، والأفق البعيد، أي للأيام التي يكونون فيها رجالا... في تلك الأيام، يعيش أطفال اليوم على وقع مصير، يتحدد اليوم بوعينا ولا وعينا، وفكرنا ومبادراتنا المسؤولة. ولأجل ذلك كان لزاما طرح شأن التنمية المستديمة على بساط الدرس والتدريس «وهم يلعبون»، وهنا مكمن حيوي خطير ورهان وعته بلادنا منذ سنوات وهي تكرس مسار استدامة التنمية في كافة القطاعات ومجالات الانتاج ومناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية بوجه عام، عبر اجراءات وخطوات تشريعية ومؤسساتية يعكسها بالخصوص اعتماد أجندا 21 وطنية منذ نحو 10 سنوات، وبعث لجنة وطنية للتنمية المستديمة تسهر على متابعة سير برامج مختلف القطاعات ومجالات النشاط لمتطلبات الاستدامة، وانشاء وزارة تحمل في عنوان هويتها «التنمية المستديمة»، وهو ما جدد تأكيد رسوخ العزم الرسمي والمجتمعي على مواصلة وانجاح هذا المسار المحمود، واحكام تصويب سيرورة المجتمع نحو بناء تنموي راق ومزدهر، يضمن جودة الحياة لأجيال تونس الحاضر والمستقبل. وهنا يعلو من جديد صوت الطفل بنبرته الصادحة بحقه الثابت في أمنه البيئي، ومستقبله الذي تضمن فيه التنمية المتوازنة والشاملة الناجحة/المستديمة بالضرورة... ذلك ما تعكسه أحلام الطفولة وتطلعاتها المرتسمة عبر شتى أشكال التعبير ووسائط الإبلاغ والإبداع، وضمن التظاهرات التربوية والتنشيطية الهادفة التي تقيمها المنظمات المختصة على غرار مبادرات الجمعية التونسية لحقوق الطفل والمنظمة الوطنية للطفولة التونسية، حيث يبرز أطفالنا وعيا شفيفا وحسا بيئيا عاليا ينطوي على ذائقة جمالية تلامس تخوم الفطرة. ما يقوله أبناؤنا عفوا، وصدقا، وابداعا ووعيا بأبجديات استدامة التنمية فلا يفسد لمرحهم وغضاضتهم قضية... يقولونها في أقسامهم الخضراء، ونواديهم وحدائقهم البيئية المدرسية الفيحاء التي تشكل نواتات متقدمة لتجذير ذهنية وسلوك متناغمين مع متطلبات تأمين الاستدامة بدءا من الوسط البيولوجي والفعل الايجابي فيه، بالممارسة البيئية اليومية صحبة المربين والمثقفين والأكاديميين والإعلاميين والعاملين بالفكر والساعد وأصحاب القرار. يقول أبناؤنا في أيام عيدهم الذي يمتد في هذه الحالة خارج يوم 11 جانفي الموعد الرسمي للاحتفال انهم طرف وشريك وحلقة مهمة ورقم لا غنى عنه في تأثيث «فضاء تونس الاستدامة» كما تبشر به متجهات برنامج تونس الغد. مع أطفال تونس في عيدهم السعيد، عيدنا جميعا، نتعلم ونعود للحلم، ونتفاءل خيرا، لأن غدهم يبدأ اليوم الذي نشاركهم فيه، من جديد، متعة صيانة/صياغة «زيتونة المدائن» /افريقية التي ستكون غدا بالتأكيد أفضل مما كانت عليه عندما استعرناها من أبنائنا وأحفادنا، أجيال الغد، أطفال اليوم، وصناع التنمية المستدامة في غدهم المأمول.