تعيش تونس منذ 15 جانفي 2011 الى حد الآن تحت حالة الطوارئ وسيتواصل الأمر كذلك الى حدّ 30 نوفمبر 2011. فهل أثّر ذلك على حياة التونسي اليومية؟ يرى بعض الملاحظين ان التونسيين لم يشعروا طوال الثمانية أشهر الماضية ان البلاد تعيش تحت حالة طوارئ بسبب ما شهدته من حالات انفلات في مختلف المجالات دون ان يقع اتخاذ الاجراءات التي يفرضها قانون الطوارئ باستثناء اجراءات عادية على غرار منع جولان الأشخاص والعربات (وقع الاقتصار على الليل فقط) أو تحجير بعض الاجتماعات التي من شأنها الاخلال بالأمن او القيام بتفتيش بعض المحلات... وباستثناء ذلك لم يقع اللجوء مثلا الى منع الاضرابات والصد عن العمل والى تنظيم اقامة الاشخاص او تحجير اقامة من يحاول عرقلة نشاط السلط العمومية او رفع أشخاص خطيرين تحت الاقامة الجبرية او أمر المواطنين بتسليم ما لهم من أسلحة وذخائر او الغلق المؤقت لقاعات العروض ومحلات بيع المشروبات وأماكن الاجتماعات او مراقبة الصحافة والبث الاذاعي والعروض السينمائية والمسرحية. التسخير غير انه لوحظ بداية من أول أمس الاثنين ان الحكومة شرعت في تطبيق اجراء يسمح به قانون الطوارئ وهو التسخير.. حيث صدر لأول مرة عن رئيس الجمهورية المؤقت أمر يقضي بتسخير بعض أعوان شركة الخطوط الفنية التونسية التابعة لشركة الخطوط الجوية التونسية بعد ان لوحظ ان توقفهم عن العمل من شأنه أن يضر بالمصالح الحيوية للبلاد... وتسمح مجلة الشغل في الفصلين 389 و390 باللجوء الى تسخير الاشخاص أو المؤسسات اذا ما لوحظ أن اضرابا او توقفا أو صدّا عن العمل من شأنه الاضرار بالمصالح الحيوية للبلاد. والمقصود بالتسخير هو دعوة الاعوان او المؤسسات لاستئناف العمل فورا وإلا تتخذ ضدهم اجراءات صارمة مثل السجن والخطية والطرد من العمل.. وقد وقع مثلا في جانفي 1978، بمناسبة الاضرابات العديدة اللجوء الى اجراء التسخير تجاه بعض أعوان شركة السكك الحديدية والشركة الوطنية للنقل وشركة الخطوط التونسية و«الستاغ» وشركة توزيع البترول وشركة «ستير» و«سيتاب» والفولاذ واسمنت بنزرت واسمنت قابس و«ستيل» وغيرها من الشركات الاخرى. مرونة لاحظ المتابعون للشأن العام ان الحكومة المؤقتة اختارت المرونة في التعامل مع قانون الطوارئ طوال الاشهر الثمانية الماضية وذلك في اطار ما يعرف بالمصالحة بينها وبين الشعب بعد زوال النظام البائد وفي اطار تفادي أقصى ما يمكن من ردود الأفعال الخطيرة التي قد يقدم عليها البعض. غير ان ذلك أدى على ما يبدو الى ما يشبه «انهيار» هيبة الدولة أثناء بعض الأحداث، وهو ما يفسّر «اللهجة» الحادة نسبيا التي تكلم بها أمس الوزير الاول عندما قال انه سيقع المرور الى الصرامة والتشدد في تطبيق قانون الطوارئ.