نجحت الصفحات النهضوية والقريبة منها في تحويل زيارة السيد إسماعيل هنية إلى حدث في الموقع الاجتماعي، وتجند ناشطوها لاستغلال الزيارة سياسيا.. فيما استنكرت الصفحات اليسارية والمعارضة حالة الخلط بين النهضة بصفتها حركة سياسية وبين أعضاء الحكومة الذين يفترض فيهم الحياد السياسي. بدأت حملة التغطية لزيارة إسماعيل هنية، رئيس الوزراء في حكومة غزة منذ وصوله إلى مطار قرطاج، وقد تداول النهضويون مقاطع فيديو مثيرة عن الحماس الكبير الذي أبداه بعض التونسيين للقضية الفلسطينية، إلى الحد الذي جعل بعض النهضويين يذكرون خصومهم من اليساريين بما يروجونه ضدهم منذ مدة من تنسيق بعض قادة الحركة مع زعماء صهاينة في الولاياتالمتحدة، للتأكيد على دعمهم غير المشروط للقضية الفلسطينية. في المقابل، ظهرت مقالات وتعاليق جادة من ناشطين محايدين تلوم النهضة على الخلط في التعامل مع الزعيم الفلسطيني، الذي حظي باستقبال حكومي رسمي، إنما بتأطير من زعيم الحركة راشد الغنوشي، وتساءل العديد من الحقوقيين قائلين: «إما أن تكون النهضة هي التي استدعت هنية، وفي هذه الحال، ما سبب حضور رئيس الحكومة الذي يجب أن يحتفظ بمسافة عن كل النشاطات السياسية لحزبه، وإما أن تكون دعته الحكومة، وفي هذه الحال، ما سر حضور قادة النهضة وحدهم دون استدعاء بقية الأحزاب». ويبدو واضحا من خلال تصفح العشرات من الصفحات اليسارية والقريبة من المعارضة أن حالة «شبه صمت» قد سادت حول زيارة إسماعيل هنية إلى تونس، لأن انتقادها أو مهاجمتها، يعني الوقوع في مهاجمة القضية الفلسطينية التي تحظى بدعم مطلق في تونس. وهكذا فرغت ساحة الموقع للنهضويين وأنصارهم لنقل وقائع الزيارة التي وصفها البعض بالتاريخية، مقارنة بزيارة وزير الدولة الفرنسي ألان جوبي التي مرت دون تغطية في الموقع. وقرأنا في بعض الصفحات النهضوية عناوين من نوع «الزعيم المجاهد إسماعيل هنية، الشيخ أبو العبد، على خطى القائد عقبة بن نافع في القيروان». وعلى ذكر القيروان، فقد كشفت الصفحات النهضوية عن قوة تنظيم كبيرة بنشر تغطية شاملة لتفاصيل الزيارة التي حظيت بشعبية كبيرة، فيما تساءل حقوقيون كثيرون تعليقا على مقاطع الفيديو عن «هذا العدد المهول من الحراس الشخصيين الذين استعانت بهم النهضة لتأمين زيارة ضيفها»، وعن سبب عدم التعويل على جهاز الأمن. لقد بدت تلك الإمكانيات البشرية والمادية كبيرة مخيفة للعديد من الحقوقيين وأكبر من حجم حركة سياسية، أو خصم سياسي سيصبح مخيفا لمنافسيه بذلك الاستعراض المذهل. كما رد بعض الحقوقيين بنشر خبر غريب ومثير يفيد أن سفارة فلسطين في تونس لم تتلق دعوة للمشاركة في استقبال زعيم الحكومة المقالة في تونس، واعتبر هؤلاء الحقوقيون أن مثل هذا التصرف يعد وقوفا مع طرف ضد طرف في فلسطين المقسمة بين حكومتين. غير أنه بصفة عامة، نجح النهضويون على الموقع في تجنيد مئات الصفحات لتغطية الزيارة والاستفادة منها سياسيا، رغم ما يسميه بعضهم: «حالة التعتيم المقصود في وسائل الإعلام الرسمية». بالتوازي مع ذلك، لا يتوقف التونسيون في الموقع عن طرح أسئلة حول عدم تطور الوضع الاقتصادي والأمني رغم تكوين حكومة شرعية، كما تستمر المعارك التقليدية يوميا حول أزمة الاعتصام في منوبة، والاعتصامات الأخرى التي لا تخلو منها مدينة، بالمناسبة، نحن أيضا الصحفيين مدعوون للاعتصام يوم الاثنين، وللأمانة، لا أعرف إن كان «الزملاء من جماعة عبد الوهاب عبد الله ومن معه» سيتقدمون الصفوف في الوقفة الاحتجاجية أم لا.