أكّد السيّد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس الوطني التأسيسي والأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات أنه تم عرض أكثر من 40 مشروع دستور وانه تم درس كل المقترحات مؤكّدا على ضرورة استمرار الروح الوفاقية في صياغة الدستور. وأضاف بن جعفر خلال ندوة عقدتها أمس «جمعية البحوث حول الديمقراطية والتنمية» و«معهد الدراسات الإستراتيجية للاتحاد الأوروبي» تحت عنوان « إعداد الدستور التونسي :نظريات متقاطعة» على اعتبار التواصل مع المجتمع المدني وظيفة بيداغوجية تتكامل مع ضرورة تشريك الشعب في بناء العقد السياسي مشيرا إلى انه استنادا إلى عدد من الأسباب فقد فقد الدستور التونسي قداسته عند التونسيين.
وأشاد بن جعفر بدور اللجان المنكبة على صياغة الدستور والتي تعمل بالتوازي مع هيئة مشتركة للتنسيق والصيانة وظيفتها الأساسية إعداد الصيغة النهائية للدستور..كما عرّج على أهمية الفترة التي قضتها اللجان في الاستماع إلى عدد من الشخصيات مثل مصطفى الفيلالي واحمد المستيري ومحمد بن صالح...الذين عايشوا إعداد دستور 1959 إضافة الى عدد من الخبراء القانونيين.
وكان السيّد عزام محجوب رئيس جمعية البحوث حول الديمقراطية والتنمية قد افتتح الندوة بالتأكيد على ان تجربة إعداد دستور جديد « فريدة من نوعها» كما بيّن اهمية الاطلاع على تجارب أخرى لاستخلاص العبر منها.
وشهدت الندوة التطرق إلى جملة من الاستفهامات المتعلقة بصياغة الدستور, كما تم استعراض تفاصيل عن تجربة البرازيل التي مرت بظروف مشابهة لتونس . مقتضيات صياغة
دستور جديد
فقد نوّه السيّد مصطفى الفيلالي بضرورة الاتعاظ من الدستور السابق بما أننا مقبلون على صياغة دستور جديد يجب أن يلبّي تطلعات الشباب الذين قادوا الثورة ، وفي ما يتعلّق بتحديد الهوية في سياق كتابة الدستور قال الفيلالي ان هناك ثوابت تحدد هويتنا لذلك يجب أن لا يكون هناك نزاع في تحديدها ..كما اكّد على ضرورة المصالحة مع الهوية لبناء مستقبل أفضل .
وعن الانحرافات التي يمكن ان تطال أهداف الدستور اعتبر الفيلالي ان إحداث محكمة دستورية كفيل بحماية الدستور من أي خروج عن السياق .
من جهته أثنى السيّد صلاح الدين الجورشي رئيس المجلس التأسيسي المدني في بداية مداخلته على هذه الندوة واعتبر انها يمكن ان تشكل إضافة اذا خرجت بتوصيات وخلاصة يمكن تقديمها للمجلس التأسيسي ..واضاف ان هذه الندوة تهتم بالبعد الاجرائي في كتابة الدستور كما اعتبر ان صياغة الدستور بقدر ما تكون مختصرة وقادرة على الاختزال وتحترم الوفاق وتغلق الباب امام التأويلات يكون الدستور اكثر وضوحا و يكتسب المرجعية المجتمعية.
وقال الجورشي إنّ «التوافق « يتطلب حدا ادنى من التنازل فالنواب ليسوا بصدد صياغة «وثيقة سياسية « بل يجب عليهم صياغة «وثيقة جامعة».
اما رشيدة النيفر الإعلامية والجامعية المختصة في القانون الدستوري فقد اكّدت على ضرورة الانفتاح في صياغة الدستور وتجنب الانغلاق واعتبرت ان المهمة الأساسية للدستور الجديد هي تنظيم السلط السياسية قائلة ان «الهدف الحقيقي من كتابة الدستور وضع حد للسلطة السياسية لضمان الحرية» , مشيرة الى ان وثيقة حقوق الإنسان تضمنت في فصلها الاول إقرارا بأن «القانون فوق الملك».
وفي ما يخص عمل اللجان المكلفة بصياغة الدستور أفادت النيفر انه بعد انهاء اللجان عملها ستعرضه على المجلس التأسيسي الذي سيقوم بقراءتين في المشروع المقدم له وتكون القراءة الأولى «فصلا فصلا» اما القراءة الثانية فتكون لمشروع الدستور في مجمله.
تجربة ومقارنة
وفي استعراض للتجربة البرازيلية التي تلتقي في بعض النقاط مع التجربة التونسية قال «بيدرودلاري» نائب عميد معهد العلاقات الدولية في جامعة ساوباولو ان كل تجربة في صياغة الدستور هي تجربة فريدة و ان المجتمع التونسي هو صاحب السلطة لصياغة الدستور وما عرض التجربة البرازيلية الا تقديم لتجربة تاريخية يمكن ان تقدم معلومات مفيدة للتجربة التونسية.
وعن تفاصيل التجربة البرازيلية قال السيّد «بيدرودلاري» إنّها بدأت سنة 1985 حيث انطلق النقاش حول دستور جديد لتعويض الدستور الذي وضعه العسكريون ثم تم إجراء الانتخابات في نوفمبر 1986 وفي فيفري 1987 تم تركيز مجلس تأسيسي ضم 12 حزبا..وافرز 8 لجان انقسمت كل لجنة منها الى ثلاث لجان فرعية .ثم تم اختيار نهج كتابة تدريجي باقتراحات عديدة , بعد الانتهاء من صياغة مشروع الدستور تم عرضه على المجلس الذي قام بالمصادقة عليه.