يبدو أن العرب في خضم بحثهم عن ربيعهم المنشود، قد نسوا القضية المركزية للأمة، وتركوا الشعب الفلسطيني في بحر خريفه الكوني، يعاني كافة أشكال القمع والتهجير والعدوان الصهيوني وتهويد المدن الفلسطينية وكذلك قلع الأشجار ومصادرة الأراضي واعتقال الشباب الفلسطيني والاغتيالات بكافة أشكالها وألوانها.. فأصبح الشعب الفلسطيني كأنه يعيش في عالم آخر لا يدرك مأساته ولا يلقي لمعاناته بالا، بدعوى البحث عن الربيع العربي والحرية والتخلص من أنظمة الطغيان والاستبداد، في الوقت الذي يكرس فيه استبداد استثنائي، يكابده الشعب الفلسطيني بهذه العزلة التي يفرضها عليه العالم العربي الذي يتوق إلى التحرر، في الوقت الذي تهمش فيه قضية فلسطين ومأساة شعبها في الوطن وفي بلاد الشتات.. وتمر الآن الذكرى الرابعة والستين.. بينما تزداد عناصر النكبة تكريسا وترسيخا وعمقا في ظل استمرار قضم الأرض الفلسطينية والتهويد الذي يجري على قدم وساق، خاصة للمدينة المقدسة، وغيرها من أراضي الضفة الغربية.. وفي ظل عزلة عربية للشعب الفلسطيني، وعزلة عالمية.. يدعي «العالم الحر» من خلالها أنه بصدد دعم حركات الربيع العربي..
في الوقت الذي أصبح فيه من الواضح أن كل ذلك ما هو إلا تقليم لأظافر أية مقاومة عربية محتملة أو ممكنة في المستقبل المنظور أو البعيد.. ويرمى دائما للشعب الفلسطيني بورقة «التفاوض» التي أصبحت مجرد وسيلة للهو بالشعب الفلسطيني والأمة العربية بل والأمة الإسلامية.. ومع ذلك، فإن الشعب الفلسطيني قد صمم وقرر أن لا يوقف مقاومته بكافة الأشكال السياسية والعسكرية والتفاوضية..صحيح أن هذه المقاومة قد تضاءل وهجها أو خفت قليلا.. ولكن الربيع الفلسطيني قادم الآن، ويتجلى ذلك الآن بشكل كبير في الحملةالشعبية الفلسطينية والرسمية العربية أيضا بدعم مطالب الأسرى الفلسطينيين الذين مضى على إضراب بعضهم عن الطعام أكثر من شهرين أو ثلاثة.. وبعضهم طبعا قد قضى نحبه وبعض آخر ينتظر.. وفي هذا الخصوص فعلت خيرا السلطة الفلسطينية أنها دعت إلى مسيرات حاشدة في هذه الذكرى المشؤومة التي شردت شعبا كاملا من أرضه ومن ترابه..
ودمرت له كل أمل في الحياة وفي المستقبل، بل وقتلت آحلام أمة.. وجعلت العالم كله في حالة عدم استقرار منذ ما يقرب من سبعين عاما أو أكثر، وبالتحديد منذ وعد بلفور المشؤوم عام 1917. وعليه، فإننا كفلسطينيين نريد أن نذكر الاخوة العرب الذين نعموا بالربيع العربي.. أو كادوا أن نذكرهم بأن الفلسطينيين أيضا عرب وأن الفلسطينيين يعانون من القتل والذبح والتشريد والنزوح والحروب والموت منذ ما يزيد على ستين عاما.. وهذا الذي لم يروه هم، ويبدوا أنهم نسوه تماما..
نسوا معاناة الفلسطيني والتي كان هم أنفسهم (العرب) لهم دور فيها في المطارات والموانيء والمنع والاعتقال والقتل والتلاعب بالقضية الفلسطينية وعناصرها وأبنائها وقادتها..
فحرموهم من كل شي، من كل ما هو مشروع وما هو مباح وإنساني. بدعوى المحافظة على القضية والشعب.. وكلها كانت دعاوى باطلة كاذبة كما تبين لاحقا.. في عدة مواقف عربية وفلسطينية مصيرية.. منذ حرب 82 واجتياح لبنان وما بعدها، عندما ترك الفلسطيني يواجه آلة القتل الصهيوني الغربي وحيدا..
وفي الختام نقول لاخوتنا العرب.. إننا لا نريد للشعب الفلسطيني أن يكفر في نهاية المطاف بعروبته وأمته.. في ظل تجاهل العالم له ونسيانه إياه إن الشعب الفلسطيني مايزال متمسكا بأمته وعروبته واسلامه وإيمانه بالمستقبل لأمة عظيمة قوية متماسكة.. تصنع مستقبلها ومكانتها فوق الأرض وتحت الشمس.