1 الأعوج هو السيّء الخلق، والأهوج هو من به حمق وطيش وتسرّع (القاموس المحيط للفيروزآبادي، ج1 ص.ص208-221). 2
اجتمع الأعوج والأهوج في ساحة إحدى المدن الغامضة، مدينة يوشّحها ضباب الظّنون والتباس المفاهيم، تعوّد أهلها الكراهية والبغضاء، وتفشّى فيها الحقد والجنون أصنافا، فدار بينهما الحوار التّالي:
الأعوج: ضقنا بكم أيّها المسلمون، ومللنا تطاولكم واعتدادكم بدينكم. نحن صنّاع المدنيّة، فكيف تنقلبون علينا وأنتم تقتبسون منّا علومنا، وتسلكون نفس الدّرب الذي مهّدناه؟ هل تنوون أسلمة العالم بعد أن أنهينا الحروب الصّليبيّة واستعملنا العقل عوض السيف؟ ها إنّ مفكّرينا يحاجّونكم بالعلم والعقل ويكشفون ترّهاتكم. فماذا صنعتم ؟ الأهوج: أنتم تدسّون السّمّ في آراء فلاسفتكم ودعاوى مفكّريكم، فبعد موجات الاستشراق المشبوه والتبشيرالاستعماري بدأتم تثيرون عواطف المسلمين بأعمال أدبية وفنيّة كرواية سلمان رشدي وآياته الشيطانيّة.
الأعوج: نعم أثارت المسلمين رواية خيالية بسيطة فاهتاجوا وخرجوا بالسيوف يطاردون طيف كاتب مغمور ، مسكنه بعيد وحمايته مضمونة ...حتى إهدار الخميني لدمه لم يأت بنتيجة ، بل حقّق للكاتب شهرة و جوائز عالميّة لم يكن يحلم بها ،ورشّحه لنيل لقب الشرف من ملكة إنقلترا.
الأهوج: كان الغرض أن تتوقّف إهانة المسلمين، وإذا بالأمر يتكرّر في الدّانمارك بالصّور الكاريكاتورية المسيئة لرسولنا الأعظم، فكأنّه الإصرار على إذايتنا واستنقاص ديننا.
الأعوج: ذلك من حريّة الرّأي عندنا ، فاختلاف الآراء وتصادم الرّؤى لا تحرج أحدا. فكم من شريط أساء لعقيدة الكاثوليك ليس أقلّها «عذابات المسيح الأخيرة»قابله النّقّاد والعلماء بالدّحض والشّجب لا غير. إنّك لا تعلم أنّ كتابا مليئا بالصّور البذيئة سخرت من المسيح ووصفت أمّه بالعاهرة صدر في إسبانيا أيام صدور الصّور المسيئة للنبيّ محمّد ولم يهتمّ به أحد لرداءته وبذاءته ، ومع ذلك لم يحاكم صاحبه ، بل قاطعه الإسبان المعروف عنهم شدّة التّقوى. ولو حصل الأمر عندكم لخرّبت المدن وأ زهقت الأرواح. ألم يقتل مخرج هولنديّ متعصّب بيد مسلم متعصّب هو أيضا، أخرج الأوّل فيلما رديئا ردّ عليه الثاني بجريمة أدخلته السّجن.
الأهوج: عجيب أمركم، لا ترتدعون من الكوارث التي تحصل بسببكم. تلك الرّسوم الدّنيئة ظهرت ثانية في فرنسا.هل تتذكّر؟ أليس في هذا إصرارا على الأذيّة ؟ الأعوج: وعجيب أمركم أيضا، كرّرتم الأعمال الانتقامية بحرق مقرّ الصّحيفة ناشرة الصّور. ما بالكم لا تفهمون أنّ الكتّاب والفنّانين والفلاسفة وأهل الرّأي وأصحاب الصّحف ألفوا حريّة الإصداع بآرائهم دون وصاية من أحد ، يعتبرون هذا لبّ الحريّة وصميم الديموقراطية التي جاهدت أمم أوروبّا قرونا لترسيخها، فكيف تطالبون بتعطيلها وإخراجها من سلوكات شعوب هي جزء من وجودها ، تدافع عنها كما يدافع المرء عن نفسه. قديما كتب عنكم المستشرقون كتبا ناقدة - وحاقدة أحيانا - فردّ عليها علماء المسلمين بكتب مثلها تدحض الرّأي بالرّأي وتقارع الحجّة بالحجّة، وسار الأمر على هذه الوتيرة قرونا فما بال الأحوال تتغيّر اليوم ؟ الأهوج: كنّا أحسن حالا فناقشناكم أيّام الأندلس، وناظرناكم في بيت الحكمة البغدادي والقيرواني. ولكنّ مسلمي اليوم ضعاف متوتّرون، تتجاذبهم تيّارات متصارعة أفقدتهم التّوازن الذّهني والصّفاء الرّوحي، حتّى غدوا لعبة بين أيدي القوى العظمى تستعملهم كلّ واحدة لحسابها كيفما تريد.
الأعوج: قتلتم مصطفى العقّاد صاحب أتقن شريط عن الإسلام، و نسيتم انتقال سفرائكم في بلدان النّصارى يبشّرون ويناظرون ثمّ يعودون سالمين . من يتذكّر اليوم كم كتابا صنّف في الرّدّ على النّصارى أو أهل الكتاب؟ هل تعرف كتاب ناصر الدّين على القوم الكافرين للحجري وكلّه مناقشات دارت في فرنسا وهولندة بين مهاجر أندلسي ورهابنة وحاخامات يهود؟ هل نسيتم آية وجادلهم بالتي هي أحسن؟ هل صار أفضل ما لديكم هو الضّرب والحرق؟
3
ملحق خاصّ بأهل تونس: أنتم يا من ينقصكم المال لتعويض سيّارات الشّرطة وشاحنات البلدية التي احترقت أثناء الثّورة!... استعدّوا واجمعوا عشرات المليارات بالعملة الأجنبية لتعويض 69 سيارة أحرقتموها مع أثاث السفارة الأمريكية. عجّلوا بدفعها قبل أن يزداد تدهور الدّينار، فيزداد حملكم ثقلا.