البعض يتهم الترويكا بأنها تتصرف في السلطة كما لو كانت في المعارضة ، وأنها لم تصدق بعد أنها تملك مفاتيح القرار وإدارة الشأن العام، وأنها مطالبة بتقديم كشف حساب للشعب ، يراعي النتيجة ، وليس النوايا الصادقة أو الساعات الطويلة التي يُقضيها هذا المسؤول وذاك في فتح « الأبواب المفتوحة». معارضو الترويكا وهذا هو الوجه الآخر للعملة يتصرفون بمنطقين زادا المعارضة ضعفا ، إنّها عقلية سلبية يؤكدها لعب بعض الأطراف ورقة انتهاء الشرعية يوم 23 أكتوبر، وترت الأجواء وكادت تزج بالبلاد في المجهول، وطقوس احتجاجية أثارت الانتباه في البداية ولكنها ، أكدت بمرور الوقت أنها خطة إرباك للحكومة ، وليست إستراتيجية شراكة ومشاركة.
مقاطعة الجلسة الاحتفالية بذكرى مرور سنة على تنظيم الانتخابات ، خلفت استياء كبيرا ، وشبهها بعض الملاحظين بأنها هدف سجلته المعارضة في مرماها ، وانه سيعمق النظرة السلبية التي بات يحملها التونسيون على المجلس التأسيسي ونوابه إضافة إلى قول بعض المتابعين أنّ تلك المعارضة بتصرفها ذلك منحت السلطة القائمة صكّا على بياض للمضي قدما في رسم ملامح المرحلة القادمة.
موعد 23 أكتوبر موعد لكل التونسيين وليس للحكومة، هو تكريم للشهداء والثوار، وتكريم لأول تجربة انتخابية ديمقراطية ، ومن الغريب أنّ البعض ممّن أشرف على تنظيم انتخابات 23 أكتوبر 2011 ومن من شارك فيها ومن من أجمعوا على نزاهتها وشفافيّتها، واختاروا تاريخها بالتوافق عوض موعد 17 أكتوبر الذي قرره كمال الجندوبي، هم من المسؤولين عن محاولة تهميش هذا الموعد التاريخي، الذي كان من المفترض أن يكون موعدا للوحدة الوطنية وليس للتشكيك.
إنّ محاسبة الحكومة وهي عملية متواصلة في المجلس، لا تتطلب طقوسا احتجاجية تجوز في دول ديمقراطية عريقة وليس في دولة تعيش انتقالا محفوفا بالمخاطر والتهديدات، فالذين قاطعوا الجلسة وان كانت نواياهم صادقة ، وان كانوا غاضبين على الحكومة وأدائها فإنهم أرسلوا للشعب رسالة خاطئة عن ديمقراطية تنهشها الصراعات الجانبية.
الاحتفال بذكرى الانتخابات، ليس تكريما للحكومة وإنما فرصة أضاعتها المعارضة لتظهر للشعب بمظهر من يريد الإضافة والبناء عبر الضغط المتواصل، وليس «المقاطعة» وإغراق الثورة في الطقوس الاحتجاجية الجوفاء.