آمال وآلام حملت الأقدام الى شارع الحبيب بورقيبة.. هذا الشارع الذي شهد بالأمس صراخ الحناجر مشحونة بالخوف والإصرار والدم والحجارة.. اليوم ينبض حرية.. تعطلت بين شجيراته لغة الكلام وحلت محلها لغة المعاني والألوان. بالأمس قال لهم «ديڤاج» واليوم ينادي زوّاره من بعيد يغريهم بحلّته الجديدة... شارع الحبيب بورقيبة يحتفل بعيد الثورة عبر الفنون.. أمسيات شعرية وعروض موسيقية وسينمائية ولوحات تشكيلية.. كل واحد اختار ان يحتفل بالثورة على طريقته الخاصة، وبين ريشة الفنان وعزف الألحان رابط متين يكشف عن آلام وآمال كل من أخذته قدماه الى ذاك المكان...
وحضرت لغة الفنون
ليس هناك من لغة تجمع رواد شارع بورقيبة هذه الأيام سوى لغة الفن والألوان هذه الأجواء التي تميز قلب العاصمة في ثاني عيد لها بثورة 14 جانفي جمعت شمل التونسي من جديد.. شمل فرّقه السّاسة والسياسة وجمعته الفنون...
ذكريات... وآمال
لا يمكن أن تزور شارع الحبيب بورقيبة دون أن تشعر بارتياح نفسي يشدّك الى ذاك المكان.. عشرات اللوحات نحتت بريشة فنان آمن أن يكون حرّا طليقا تظلّله الأشجار... مفترشا الذكريات التي مرت من هنا يستعين بها أحيانا لتهيّج قريحته فتفيض ابداعا وتزيد من اصراره على كتابة ما يخطر ببال هؤلاء المارة الذين تستوقفهم تلك اللوحات من حين الى آخر.
ويبقى الأمل قائما
لوحات اتخذت من الأشجار جدرانا لتتكئ عليها.. تستريح فوقها الأعين التي جابت ذاك الشارع منذ حين.. تنبش في الذكريات حين أرهقها غاز البوليس.. وأنهكت العصي الأجسام وصمّ الكلام البذيء الآذان في هذا المكان لمّا أراد الشعب أن يقول كلمته في وجه جلاّده. وبالرغم من أن روّاد ذاك المكان اعترفوا أن لا شيء تغيّر وأن الحياة أرهقتهم والأسعار أضنتهم.. لكن يبقى الأمل قائما في غد أفضل مع اشراقة شمس هذا الصباح الذي بدا مشعا لبعض النفوس التي اختارت أن تنفضه غبار السنين على قارعة شارع الحبيب بورقيبة.