يلقبونه ب «النيّة» ليس لبلاهته وإنما لأنه هو البلاهة عينها ونفسها، استفاقت عائلته ذات فجر لتجد نعجاتها قد تمت سرقتها وهي مورد الرزق الوحيد للعائلة. وكل ما تملك. استنجد الوالد به يسأله إن كان قد رأى اللص فأجابه كل ما رأيته البارحة أن كريما ابن حلال يطعم كلابنا لحما وشحما وعظاما الى أن تمكن من ان يمسّح على رؤوسها ثم تسلل الى مربض النعجات وأخرجها نعجة تتبع نعجة واختفى ربما ليرعى بها في زرع الناس تحت جناح الظلام فبادره الوالد بالسؤال هل عرفته فردّ عليه بالنفي مضيفا «زعمة آش كان ناوي يعمل» يا أبي... انتهت الحكاية وشبع الكلاب والتزمت الصمت. وبقي زرع الناس على الثنية ولا حكم على النوايا بما في صدور اللصوص.
ولكن فيروس الغباء وجرثومة البلاهة وحمى الحمق انتشرت اليوم بيننا وأصابت الآلاف منا حتى بات فينا من يرى لجانات تشكلت للعنف الثوري تسرق منا حرية التنقل والتنظم والاجتماع والاضراب والاعتصام ومن يتحدث عن حرق مقامات الأولياء الصالحين وعن مخابئ الأسلحة وعن تهريب السلاح، ومن يتحدث عن خراب البلاد ومن يتحدث عن إغراق الساحة بالزطلة والزاطلين وعن «البراكاجات» ومن يرى من «يبراكي» البلاد بطم طميمها بالسياسة. ومن يتحدث عن «دزان العجلة» ومن يضع العصا فيها. وعمن يعبث بالمال العام. وعمّن «سيب الماء على البطيخ» من قنوات ابنائنا الذين لم يأتونا من المريخ وعمن غلق مؤسساته وهرب بجلده.
ومن يتحدث عمن «لا طاح لا دزوه» وجد نفسه إماما أو أميرا أو زيرا «يوزّر» من يشاء ويسلخ من يشاء. ومن يتحدث عمن شقوا أمواج البحر وعبابة وأهواله وقال «يا لمبادوزا قربي» وعمن ركبوا الآر.بي.جي والكلاشنكوف خيلا أمريكية وروسية أصيلة وشق الجبال والبراري والصحارى في غزوة العمر لسوريا ومالي وعمن يعنف شيخ الستين ويقتل رب العائلة التي لا عائل لها بعده وعمن يدعو الى الفتنة ومن يحرض على القتل وكنس الساحة من الاعداء كلنا يسمع ويرى ويسأل «زعمة آش ناوين يعملو» و«ين ماشين» أخشى ما أخشاه على هذا البلد ان يقول عنه التاريخ «بعد ما تخذ شرى مكحلاشنكوف» من سوق ليبيا.