تونس الشروق : في لقاء مع «الشروق» تحدّث الدكتور فيصل علّوني سفير سوريا ببلادنا عن المشروع الذي تقدمت به سوريا ومصر والسعودية وعن الأهداف الحقيقية لمشاريع الاصلاح المطروحة على العالم العربي وشدد خاصة على انه لو كانت الإدارة الأمريكية جادة في طرح الاصلاح لعملت على انهاء الاحتلال من المنطقة. * هل لكم أن تقدمووا لنا ملامح المشروع السوري السعودي المصري للاصلاح؟ المشروع المعني هو مشروع ثلاثي مشترك تقدمت به سورية ومصر والسعودية كوثيقة موحدة لتطوير منظومة العمل العربي المشترك وتفعيل آلياته. وتركز هذه الوثيقة على مبدإ أساسي هو الالتزام بتنفيذ ما يتفق عليه بين الدول العربية ووضع الآليات اللازمة لذلك لتكون قادرة على مواجهة التحديات الراهنة والتعامل مع المتغيرات الاقليمية والدولية على قاعدة المصلحة العربية العلياوصون الحقوق العربية. * ما هي آفاق هذا المشروع؟ اعتمد وزراء الخارجية العرب هذا المشروع وأقروا في ختام اجتماعاتهم بالقاهرة الخميس الماضي بالاجماع وثيقة العهد بين الدول العربية والتي سترفع الى القمة العربية القادمة في تونس لإقرارها من قبل القادة العرب بهدف اصلاح وتطوير منظومة العمل العربي المشترك وتفعيل آلياته من خلال التزام الدول العربية بتنفيذ تلك الوثيقة متضامنين ومتحدين لتحقيق مستقبل أفضل للشعب العربي واقرار السلام العادل والشامل القائم على مبادئ الحق وقرارات الشرعية الدولية واسترجاع الأراضي العربية المحتلة. وتؤكد الوثيقة على الالتزام بتنفيذ ما يتفق عليه بين الدول العربية والقرارات المتخذة في اطار الجامعة العربية خدمة للأهداف والمصالح المشتركة وتعزيزها، كما تتضمن الآليات اللازمة لتنفيذ بنودها وتحقيق الاتحاد العربي والتحرك في عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الجارية في الدول العربية لإنجاز التنمية المستدامة ومواجهة تحديات العصر، بالاضافة الى العمل المشترك والفعال لتحقيق المصالح العربية العليا. * ما هي حسب رأيكم الأهداف الحقيقية لمشاريع الاصلاح المطروحة على العرب؟ جاء في نص مشروع الشرق الأوسط الكبير انه «طالما تزايد عدد الأفراد المحرومين من حقوقهم السياسية والاقتصادية في المنطقة سنشهد زيادة في التطرف والارهاب والجريمة الدولية والهجرة غير المشروعة» أما الاحتلال الاسرائيلي وسياسة ازدواجية المعايير واحتلال العراق، وهي الأسباب الحقيقية للإرهاب والتطرف وانعدام الاستقرار وتعثر التنمية في المنطقة، فلا نجد لها أثرا في المشروع العتيد... كما يشكل محاولة جائرة لمحو هوية المنطقة وإلغاء خصوصيتها الثقافية. ولو حاولنا تلخيص أبرز أهداف المشروع في عجالة لوجدنا انه يهدف الى احياء «الشرق أوسطية» بديلا عن القومية العربية وتعطيل أية امكانية لترتيب البيت العربي، واختراق المجتمعات العربية عبر توظيف بعض النخب وإثارة النعرات الطائفية والعرقية تحت غطاء التعددية والقضاء على المقاومة العربية في المنطقة. كما ان معظم الأوروبيين لا يخفون اختلافهم مع المشروع، بل وحتى انتقادهم له. وهذا ما عبّر عنه مؤخرا خافيير سولانا الممثل الأعلى للسياستين الخارجية والأجنبية في الاتحاد الأوروبي بتأكيده على ضروة ألا تتجاهل أية مبادرة بشأن الاصلاح في المنطقة عملية السلام فيها، وتشديده على انه من دون اقرار السلام في المنطقة لن تنجح اية مبادرات تهدف الى الاصلاح وتأكيده ايضا على ان أية مبادرة او جهد يبذل من اجل الاصلاح يجب ان ينبع من داخل الدول العربية... باختصار لو كانت الادارة الأمريكية جادة في اصلاح أوضاع المنطقة لعملت على انهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل والشامل فيها وليس على اخضاعها ومصادرة حرية وإرادة دولها وشعوبها. * ما هي الآليات لتنفيذ هذا المشروع؟ وثيقة العهد بين الدول العربية التي سترفع الى القمة القادمة في تونس تضمنت التحرك في عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الجارية في الدول العربية لإنجاز التنمية المستدامة. والمهم أن تقف الدول العربية وقفة تضامنية جادة في مواجهة المشاريع الاستعمارية المفروضة من الخارج وتصوغ المشروع الذي يستجيب لمصالحها الوطنية والقومية. لقد دعا الكاتب البريطاني باتريك سيل الخبير في شؤون المنطقة، العرب الى اقتراح صفقة على الولاياتالمتحدة تقول : «أوجدي تسوية للمشكلات السياسية التي تعترضنا مثل التوسع الاستعماري الاسرائيلي، أوضاع الشعب الفلسطيني. تواجد قوى عسكرية أمريكية في قلب منطقتنا العربية واستقلالنا المحدود، عندها سوف نجري الاصلاحات الضرورية لمجتمعاتنا الخالية من الضغوط والحروب والاحتلال». ولكن يبدو ان الادارة الأمريكية بطرحها مشروع الشرق الأوسط الكبير كما هو مصرّة في تجاهل الأسباب الحقيقية لتردي أوضاع المنطقة لأن احتلال الأراضي العربية يأتي على رأس هذه الأسباب.