مازال القرار الأخير للجنة الدعم على الإنتاج المسرحي الذي كشف أن 87.8 من المشاريع المسرحية المعروضة على اللجنة لا تستحق الدعم تثير تساؤلات عديدة وخصوصا فيما يتعلق بالمشاريع المرفوضة وأصحابها.. ولعلّ ما يؤكد هذا القرار هو أن هناك فوضى في القطاع المسرحي على مستوى الدعم على الإنتاج وما الأربعين مشروعا التي تم رفضها في الدورة الأخيرة للجنة الدعم من ضمن 54 إلا القطرة التي أفاضت الكأس.. **مقاولات قد لا نبالغ إذا قلنا أن الإنتاج المسرحي في تونس فاق نسبة الاكتفاء الذاتي من حيث الكم وخصوصا مع تضاعف عدد الشركات الخاصة أو الحرة والدليل كثرة المهرجانات المسرحية وانفتاح الأسواق الجديدة في المؤسسات التربوية وغيرها من المؤسسات التي أصبحت تبحث عن أي مادة أو وسيلة للتنشيط.. هذا إلى جانب ترفيع الدولة من حجم الدعم الموجه للعروض المسرحية وكل الأنشطة الثقافية في المؤسسات. كلّ هذه الظروف ولدت نوعا من النهم أو الجشع الغريب لدى أصحاب الشركات الخاصة أو الحرة. **إغراء اللجنة ورغم أن هذه الشركات تبدو حرّة إلا أن تفكيرها موجه بدرجة أولى إلى الدعم.. ولذلك يختلق أصحابها الآن كل الحيل للحصول على منحة دعم على الانتاج بدءا من اختيار نوع المسرح الرائج وصولا إلى إعداد ملف قادر على إغراء اللجنة فنجد مسرح الأطفال مثلا وقد حقق طفرة في الإنتاج مفاجئة.. لماذا لأن هناك توجّها من الدولة يشجع على مسرح الأطفال ويحرص على تنشيط المؤسسات التربوية. أما مسرح الكهول فيكفي تقديم ملف يضمّ أسماء معروفة على الساحة المسرحية لإقناع اللجنة بالدعم.. وغالبا ما يقتصر حضور الأسماء المعروفة على الملف أي على الورق وهو ما اكتشفته اللجنة في دورتها الأخيرة.. وهناك حتى من يتبرّع باسمه أو يؤجره لكي يخص الملف بالدعم وهذه الحالات موجودة.. **حيل وتواطىء أما على مستوى الترويج فهناك من يقتصر على شهادة العرض دون تقديم العمل وهذه الحالة جدت في أكثر من مناسبة.. والغرض منها إدارة المسرح بثلاث شهادات عرض للحصول على عرض مدعوم.. كلّ هذه الحيل ابتدعها مسرح القطاع الخاص وبتواطىء أحيانا مع مؤسسات الدولة مثل دور الثقافة وغيرها.. وأمام هذه الأساليب والمقاولات التي ما فتئت تتكاتف بتزايد عدد الشركات الخاصة كان لا بد من الانتباه لما يحدث وهو ما كشفته لجنة الدعم على الإنتاج في انتظار ما قد تكشفه لجنة الانتقاء والتصنيف الساهرة على دعم العروض. وعموما لا يمكن وصف هذه الفئة من المسرحيين إلا باللصوصية وخصوصا أصحاب المقاولات الذين تجد أسماءهم أحيانا في خمس أو ست مسرحيات قارة في الإخراج وأخرى في الكتابة أو التمثيل... وما نقترحه على إدارة المسرح ووزارة الثقافة والشباب والترفيه هو مراجعة قانون الدعم المسرحي على الإنتاج والترويج لأن الدعم وجد لتشجيع الأعمال التجريبية الباحثة عن أشكال فنية حديثة... كما نقترح متابعة الأعمال والعروض التي يقع دعمها وما إذا كانت مطابقة للملفات المعروضة على اللجنة بدءا بالإنتاج ووصولا إلى الترويج أو العرض...