شهدت جعفر الشمالية طريق رواد الكائنة بولاية أريانة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك حركية نشيطة وإقبالا مكثفا خصوصا من جانب الشباب على دور العبادة, ولمسنا كذلك بجامع أبي بكر الصديق بادرة طيبة أعجبت كثيرا المواطنين الذين يقطنون هذه المنطقة وتمنيت أن تتعمّم بجميع جهات البلاد من الشمال إلى الجنوب. هو صندوق الخير والبركة,صغير في حجمه وشبيه بصناديق الاقتراع يوجد به فتحة كافية لدخول أموال المتبرعين والمتطوعين على وجه البر والإحسان داخله. وقد وضع هذا الصندوق على كرسي بلاستيكي صغير بجانب المدخل الرئيسي للمسجد حيث يكون على مرأى من جميع المصلين وتعمل اللجنة المكلفة بهذا العمل التطوعي والخيري على توعية المصلين حتى يقبلوا بأعداد غفيرة وبشكل مسترسل ويومي على مدار الشهر الكريم لتعبئة هذا الصندوق بالأموال التي ستعود بالنفع العميم على ضعاف الحال والمحتاجين من ذوي الدخل المحدود. إذ يكفي أن يسهم كل مواطن بمعلوم مالي زهيد قدره خمسمائة مليم فقط يوميا لتملأ قفة رمضان بما لذّ وطاب من المأكولات والمشروبات والمواد الغذائية العامة التي سيتم نقلها في الإبّان وعلى جناح السرعة إلى مستحقيها من الفقراء والمحتاجين والأرامل والأيتام. فقطعة النقود من فئة الخمسمائة مليم هي مبلغ زهيد نسبي ولكننا إذا ما جمعناه من عمّار المساجد فبإمكاننا أن نغطّي مصاريف العائلات المعوزة التي تعاني من الفقر المدقع والحرمان والخصاصة. فالمثل يقول "حمل الجماعة ريش". أؤكد لكم أيها السادة والسيدات أننا لو عمّمنا هذه السنّة الحسنة في جميع المساجد ما رأينا اعتصاما واحدا أمام مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية ولما جاع الذئب واشتكى الراعي ولعادت عائدات هذه الوزارة إلى وزارة الاقتصاد الوطني التي من شأنها أن تعمل على إنشاء وتأسيس مؤسسات تكون سببا في توفير الشغل للعاطلين عن العمل أو تقوم بدفع الاستثمار بالمناطق المعدومة والمحرومة والمهمّشة فالمثل الصيني يقول "لا تعطيني سمكة ولكن علمني كيف أصطادها". ولكان الله في عون الحكومة والشعب وتفضّل عليهم بمنّه وفضله إذ لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع. فالخير كله في خزائنه ينفق كيف يشاء ولا يضيع أجر المحسنين, فببركة دعوة نبي الله إبراهيم الخليل إلى ربه العلي القدير حيث قال "ربنا فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليه وارزقهم من الثمرات" ها هي المملكة العربية السعودية تنعم من الثراء والرخاء وتزخر بعائدات النفط والحجيج. أمّا نحن فحين نتراحم ونتكافل في ما بيننا ونأخذ على أيدي بعضنا عند ذلك فقط تعود المحبة بين الناس وتنشرح لها الصدور. فهذا الودّ والتآلف لطالما افتقدناه في مجتمعنا التونسي منذ عقود طويلة نظرا لأن المادة قد طغت على حياتنا اليومية. فعندما يستقيم حالنا وتعمّ في مجتمعنا القيم السامية والأخلاق الحميدة ونلمس حسن المعاملة والمعاشرة ولين الكلام وطلاقة الوجه وصدق الحديث بين الناس بعيدا عن وجود أي شكل من أشكال حب الذات والأنا بالتأكيد سوف تكون معيّة الله معنا ويرحمنا الرحمان برحماته في الدنيا قبل الآخرة لأنه هو الرؤوف الرحيم ويكون جزاؤنا عنده الخير العميم بإذن الله. فقد قال الله تعالى في محكم تنزيله "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض". فيصل بوكاري - تونس