بسم الله الرّحمن الرّحيم إنّ الرّبيع العربي أو ما أصطلح على تسمية ،ليس حدثا عابرا وإنّما بداية ارهاصات لزمن بدت عوالمه تظهر للعيان برغم ما يشوبها من ضباب ،فالثورات العربية والتي دشنتها الثورة التونسية لا يمكن فهمها الاّ من خلال رؤية شاملة وتاريخية . فما وقع في تونس قد يحير في تفسيره علماء الاجتماع لأنّ ما يملكونه من أدوات تحليل للظواهر الاجتماعيّة قد تكون غير قادرة وحدها على تفسير أو التنبّؤ بما وقع. إنّ سيطرة الفكر المادي على علم الاجتماع الحديث جعلته يتيه في مصطلحات صنعها بنفسه وعجز عن تخطيها الى فضاء ارحب.وما نعيبه على علماء الاجتماع العرب هو عزوفهم الى الرجوع الى القرآن واستنباط القوانين الاجتماعية والتاريخية التي يمكن من خلالها قراءة الأحداث والظواهر الانسانية. بكلّ بساطة يمكن تفسير وقراءة ثورات اللرّبيع العربي من خلال ما ورد في بداية سورة القصص: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴿ 4﴾ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴿ 5﴾وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴿ 6﴾ فرعون رمز الطغيان والظلم والاستكبار والعلوّ والنّظم العربيّة المتمكنة في اوطاننا بعد الحرب العالمية الثانية في ما يسمّى بالاستعمار الجديد الغير مباشر ، سارت على الطريقة الفرعونيّة في الحكم وبالتّالى كثر الضّحايا المستضعفون واستشرى الفساد والمفسدون ، فكان لابدّ من القانون الإجتماعي أن يأخذ مجراه "بشر الظالم بخراب بيته ولوبعد حين" فالظلم والإستكبار وانتشار الفساد هو الذي عجّل بالتغيير ، ولكنّ هذا التغيير لابدّ له من أسباب ،انّ تراكم الظلم والمظالم عبر فترة الطغيان والاستكبار هي التي هيئت اسباب اندلاع الثّورة، والله لطيف بعباده فكان التغيير سلسا وكان منّة وعطاء من الله لعباده المستضعفين الذين اتعبهم النضال ومحاربة الطاغوت فجاءت الثورة عطاء جميلا من قاسم الجبارين وناصر المستضعفين " إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴿آلعمران:140﴾ الايات تبشّر المستضعفين بالتّمكين بعد الثورة ولكن لابدّ من الصّبر ففرعون تونس هرب ولكن هامان وجنودهما لايزالون بيننا يحاولون انقاض الموقف بما يسمّى الثورة المضادة ولكن باذن الله ثقتنا في الله عظيمة وتوكلنا عليه واجب ليتمّ الله نعمته علينا ، "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴿محمد: 7﴾ " . إنّه بداية عصر جديد ولكنّه ليس بالسّهل فكما أنّ هناك فرعون في كلّ قطر هناك الفرعونيّة العالميّة والتي تريد ان تحافظ على ملكوتها ،واصل مصائب العرب والمسلمين هوذلك الكيان الصهيونيّ ، وما اشعر به ان هذه الثورات العربيّة هي بداية نهاية هذا الكيان وهي ارهاصات لتغيرات كبيرة على المستوى العالمي قد تكون حربا مدمرة يقودها الاستكبار العالمي من أجل خلط الأوراق من جديد ومحو ما بشرت به الثورات العربيّة، ولكن نقولها وبكلّ يقين بالله انّ زمن التمكين الحضاري قد اقترب وسيفرح المستضعفون بنصر من الله يعيد لهم حقوقهم ويمكّن لهم في الأرض فينظر ما هم فاعلون. ّ مهندس ادارة وسجين سياسي سابق*