لقد تمكن شعبنا من إنجاز رائع كان في حكم المستحيل وأسقط طاغية كان ينعم بمساندةالجميع وأساسا القوى الخارجية التي وقفت ولا تزال تقف بإصرار ضد كل سعي للتحرر والانعتاق من الإستبداد في بلادنا أسقط شعبنا الدكتاتور فانتصبت من بعده بقايا المافيا التي أهانتنا وأذلتنا وشردتنا. ولم تكن النخب السياسية في مستوى المرحلة لتقترح على الشعب بديلا سياسيا تتولى الجماهير الثائرة فرضه على أرض الواقع فكانت النتيجة هي القبول بوضع انتقالي غريب قضى بان يستمر اعوان الدكتاتور بتسيير الامور اجتنابا للفراغ شرط أن لا يطول بقاءهم وأن يجني الشعب أخيرا ثمار ثورته بانتخابات حرة غير مزورة ولا خاضعة للاملاءات الخارجية لتتولى من بعد ذلك السلطة المنبثقة عن الارادة الشعبية والمعبرة عنها تصفية تركة الاستبداد ولندخل جميعا عهد الكرامة والحرية غير أن إرادة قوى الردة تعضدها إرادة خارجية مصممة ومصرة على التصدى بكل حزم للاختيار الحر للشعب التونسي قد أحذت قرارها بعدم السماح للشعب بالاختيار إلى حين الفراغ من كل الترتيبات التى تضمن أن لا تخرج الامور عن السيطرةا، وهذه القوى تراهن على قبول الجميع بالامر الواقع لتأجيل الانتخابات لتتمكن من تمرير خططها معولة على إخضاع الشعب بجميع الوسائل، بعد أن تمكنت من خداع النخبة او شراءها او تخويفها، فهل يستسلم الشعب لهذا المصير البائس، وهو الذي لم يستشر أحدا ليطيح بالطاغية؟؟ الحل الوحيد عندي هو أن ينفض الشعب يده تماما من الاحزاب السياسية وحساباتها كما لم ينتظرها من قبل حين قرر الاطاحة بالمخلوع، وأن يلتمس لها العذر في أنها ضحية سياسة الارض المحروقة التي انتهجها الدكتاتور، ويعود بقوة إلى ساحة الفعل الحقيقية التي لا تجب ان تقتصر على العودة إلى الشارع، بل يجب ان تتمثل في إيجاد البديل الفعلي والعملي عبر إعلان العصيان المدني والاستعداد التام لاجراء انتخابات شعبية لافراز سلط محلية في كل مدينة وقرية تتولى الاشراف على المصالح الادارية دون المساس بها وصولا إلى إنجاز الانتخابات المأمولة للمجلس التأسيسي تحت الاشراف والمراقبة الشعبية. وقد سبقتنا شعوب لاجراء مثل هذه الانتخابات رغم أنف سلطات اعتبرتها غير شرعية، آخرها شعب كوسوفا الذى أجرى انتخابات برلمانية ورئاسية تحت الاحنلال ورغم أنفه في تسعينات القرن الماضي. وعلى الذين سيعترضون على مثل هذا المقترح وسيصمونه بالاغراق في الخيال والمثالية والبعد عن الواقعية أن يتذكروا أن كابوس المخلوع كان أشد وطأة من كل ما نعايشه الآن، وأن الخلاص منه كان يبدو أصعب من نيل الثريا وهو الآن مجرد ذكرى بغيضة. ولنتذكر جميعا ان ما نود إنجازه هو أستقلال ثان لن يتحقق إلا ببذل مزيد من التضحيات والاصرار على قطع السبيل امام كل القوى التي تريد العودة بنا مجددا إلى نقطة الصفر د نجيب عاشوري 27 ماي 2011