قامت الفئات المهمشة و الجهات المعزولة في البلاد التونسية بثورتها المجيدة ، و كانت هذه الثورة نموذجا يحتذى به من قبل كل الشعوب العربية التي ثارت بدورها على حكامها من أجل الإنعتاق و الحرية . و لكن هذه الثورة استفادت منها فئات لا علاقة لها بالثورة ولم يكن لها أي دور بل كان لها دور معاكس يتمثل في إجهاض المسار الثوري و ذلك بركوب موجتها وإثارة الفتن و نعرات العروشية بين الناس و الجهات . و من ابرز نتائج هذه الثورة هو تحسين الظروف الإجتماعية لأعوان الأمن الذين تصدوا للثوار بالرصاص الحي و قتلوا أبناء الوطن و فلذات أكباد العديد من الأمهات ، و في المقابل تنشغل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة بخلافاتها الداخلية في غنى عن الشارع الذي أطاح بالطاغية و الإرهابي المحترف بن علي . أشخاص كثيرون تحسنت اوضاعم المادية بعد هذه الثورة المباركة فارتفعت رواتبهم و وقعت تسوية وضعياتهم المهنية ، خاصة أولائك الذين كانوا في الماضي يناشدون بن علي الترشح للرئاسة سنة 2014 ، و لا يزال البعض الآخر يطالب بالزيادة في الرواتب و الثوار الحقيقيون صامدون في الساحات العامة يطالبون بإصلاح جذري اغلبهم من الفئات المهمشة في السابق و لم تجد إلى حد الآن فرصة عمل وحيدة . و التفت الأحزاب السياسية على الثورة و التي تجاوز عددها المائة حزب و أصبحت تعتمد على التعبئة الشعبية العشوائية ، فالتكالب واضح على السلطة بين الأحزاب التقليدية الإسلامية و غيرها و الأحزاب الجديدة دون مبالاة بما يحدث في الشارع من فتن و نزاعات عروشية . هذه الأحزاب تنازلت على مبادئها الأساسية من أجل تحصيل أكبر عدد من المنخرطين. و كيف نلوم المواطن في الشارع الذي يريد الحياة و لم يجد فرصة لذلك على بعض التصرفات ، و النزاعات قائمة داخل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة ؟ و من جهة أخرى يقدم السيد الباجي قايد السبسي نفسه على انه المرجع السياسي الوحيد في البلاد ، فكيف لسياسي مثلك يدعي انه يقود البلاد إلى بر الأمان يواصل استفزازه للأحزاب و للصحفيين في العديد من الندوات الصحفية ، أقول لك سيدي الوزير المؤقت انك تقود البلاد إلى الهاوية فقد أغرقت البلاد في الديون فالمشكل لا يمكن معالجته بمشكل مقابل . سيدي الوزير أين انتم من دماء الشهداء التي سالت من أجل الكرامة ؟ فالثورة ثورة كرامة و حرية وليست ثورة زيادة في الرواتب. المطلوب منكم مراجعة حساباتكم قبل فوات الأوان و التسريع بمحاسبة المتضلعين في قتل المواطنين عمدا ، و التعويل على إمكانيات البلاد الذاتية لأن تونس مليئة بالكفاءات و الإطارات و الموارد البشرية و الطبيعية . و عليكم أعضاء الحكومة المؤقتة و أعضاء الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة تحقيق المصالحة مع الشعب لأنكم في عزلة مع الشعب و منشغلين بخلافاتكم الداخلية . و عليكم التسريع بتوفير ضروريات الحياة من شغل و تجهيزات أساسية إن كنتم تنوون تحقيق الديمقراطية المنشودة فلا يمكن بناء دولة ديمقراطية و شعبها يغدق فقرا . و عليكم أعضاء الحكومة المؤقتة توجيه الأحزاب نحو تأطير الشارع سياسيا للمحافظة على تماسكه و على وحدته الوطنية. و إن كنتم غير قادرين على ذلك فعليكم التنحي و ترك المجال مفتوحا للثوار لقيادة بلادهم و إلا ستقوم ثورة ثانية عليكم نحتاجها اليوم أكثر من أي وقت مضى لتطهير البلاد نهائيا من شبكة النظام المنحل و خاصة من أولائك الذين ركبوا موجة الثورة من نقابيين و جامعيين و نشيطين في المجتمع المدني من اجل بناء اقتصاد قوي بإمكانيات ذاتية في مناخ ديمقراطي أساسه الوحدة الوطنية من شمال البلاد إلى جنوبها. محمد الطرابلسي.