من طبيعة البشر الاستعجال كيف لا وقد خلق الله الإنسان عجولا. وكثير من الناس لا ينقصهم الوعي ولا حب الوطن أو الإخلاص للدين تراهم يريدون جمع هذا الثالوث الإيجابي ذلك أن حب الوطن من الإيمان كما أن الوعي بدور الدين في تنمية أوطاننا أصبح أمرا منتشرا مع درجات في أقداره. نلمس هذه العجلة في الكثير من المواقف التي تتناغم مع اجتماع هذا الثالوث ولكنها تتصادم مع الواقع فتحدث تصدعات في الفكر أو في السياسة وربما في المجتمع. تجاذبت أطراف الحديث مع إحدى الأخوات عن تعقيدات واقع المسلمين وصعوبته فوجدت عندها نقمة على الأوضاع الإسلامية حتى في البلدان التي تشهد نهضة إسلامية بداية بتركيا إلى ليبيا مرورا بتونس ومصر. ولمست مرارة لديها من تخاذل هؤلاء الحكام في تطبيق الشريعة متهمة إياهم بحب السلطة وعدم جديتهم وصدقهم في إقامة "شرع الله" وسبق حديثنا في السياسة حديث في مشاكل التربية فكانت تشكو لي صعوبة تربية الأبناء في الغرب وعدم قدرة أو تحكم الكثير من
الأولياء في أولادهم ذلك أن القانون الأوروبي، ومن أجل حماية الطفل من العنف يبيح للسطات ضمن المنظومة التربوية المتبعة مراقبة الطلاب في المدارس والتلاميذ والتدخل لدى الأسرة، إن لمسوا بعض المشاكل في سلوك الطلاب: فتتدخل إدارة الشؤون الإجتماعية من أجل تغيير أساليب التربية لدى الأولياء، حتى لا يغادر الطفل بيته إن كانت له مشاكل مع أسرته.
وقد أصبح بعض الأولاد يستغلون خوف الأولياء من إقحام الأغراب في المسائل العائلية، فيمارسون الضغط على أهلهم للتهرب من الواجبات التعليمية أو الدينية وتعيش هاته الأسر مرارة العجز عن تربية أبنائها وتوجيههم التوجيه الصحيح برأيها وإقامة قوانين الأسرة التي تطمح لها ، لتشابك المسائل وعدم عيشها في بيئة تسمح لها بذلك وتتفاعل معها إيجابيا . كانت هذه السيدة تتكلم بحسرة ومن واقع التجربة، إذ أنها احترقت بنار تهديد ابن لها باشتكاء الأهل أنهم يفرضون عليه أعباء دينية يعرف الطفل جيدا أن فلسفة التربية التقليدية هنا وخلفيتها العقدية تحرص على ابعاد الطفل عن هويته الإسلامية فأصبح يستعمل ذلك كسلاح ضد والديه ليعيش حياة لاهية دون أعباء مدرسية كبيرة أو التزامات دينية. وعبرت لي عن عجزها وزوجها على الإحاطة بالأمر وتدخل أطراف خارجية في توجيه ابنهم هذا. تساءلت كيف لهذه السيدة أن تقر بعجزها وزوجها عن إقامة "شرع الله" في بيتها ومطالبتها لأولياء أمور المسلمين تطبيق الشريعة في أوطان أنهكتها سياسات التغريب وتجفيف المنابع والمآمرات الداخلية والخارجية وجهل الناس بأمور دينهم؟ قلت لها : "أختي الكريمة لما يكون المسلمون قادرين على إقامة الشرع في بيوتهم يصبح بإمكانهم إقامته في مجتمعاتهم" فالعجز عن القليل عجز عما هو أكبر منه وجميل أن نحلم وأن نريد أن نعيش الحلم ونلوم من لا يساعدنا على التلذذ بالحياة بهذا الحلم ولكن أجمل منه أن نعمل على تحقيق هذا الحلم برصد متطلبات إنجازه والعمل الجاد والمستوعب لواقع الحال والتجهز لسلك طريق الهدف. ولذلك أقول أقم شريعة الله في قلبك وفي بيتك تقام على أرضك.